للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رفضاً مقروناً بالأنفة والكبرياء. . . . والاستهانة والازدراء. . فنشب القتال بين المسلمين والفرس وحدثت وقعة القادسية ووقعة نهاوند. فأنحن المسلمون في جموع الفرس وأفنوا منهم خلقاً كثيراً ومزقوا شملهم كل ممزق. وقتل إذ ذلك كثيراً من أشراف الدولة وكهنتها ممن كان جل همهم وأقصى مناهم في استدامة دولة الفوضى والفساد. وحكومة الظلم والاستبداد. وفر الملك يزدجرد هارباً كما فعل سلفه داريوس من قبل. ورحب بنوساسان (أمة الفرس) بالمسلمين إذ رأو فيهمخ منقذيهم من دولة المنكرات والمآثم. وحكومة المجحفات والمظالم.

إن تحول الشعب الفارسي بأسره إلى دين محمد وانمحاء المجوسية من تلك البلاد البتة لمما يحتج به أحياناً على نفي روح التسامح عن الدين الإسلامي ووصمه بروح التعصب والاستبداد. ولكن من تأمل الظروف التي كانت عليها أمة الفرس عند استيلاء المسلمين على بلادهم أدرك بطلان هذا القول. وذلك أن روح التعبد والتدين لم يكن لها أدنى أثر بين أمة الفرس في ذلك الحين.

وكان الشعب قد تضعضع وتحطم وهبط إلى أسفل درك الانحطاط والاضمحلال. والتفكك والانحلال بتأثير أسوأ عاملين. وأخبث آفتين: فساد الطائفة الدينية (المجوسية) وانحطاطها. وفجور الهيئة الحاكمة وسوء إدارة الحكومة. أضف إلى ذلك أن بدعة المذهب المازادكياني والمذهب المانيكياني كانت قد فصمت كل عروة ورابطة في النظام الاجتماعي. فكان كل ما صنعه كسرى يزدجرد هو أنه استطاع أن يؤجل إلى حين انحلال الروابط الاجتماعية بتة وانهدام بنيان المجتمع انهداماً تاماً.

فكانت النتيجة أنه بمجرد دخل المسلمين تلك البلاد مبشرين بتوطيد دعائم النظام والقانون هنالك تهافت الشعب بأسره على الإسلام ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً وانضوت أمة الفرس تحت لواء الملة المحمدية إلى ألبد.

فمن حقق النظر ودقق البحث عرف بطلان ما عزاه خَطأ أمثال المؤرخ موبر حيث يقول في رسالته عن الإسلام لقد كان من الضروري لبقاء الإسلام أن تتبع في نشره وسائل العنف والقهر. والغضب والقسر. وإن ما يرمي إليه من التفشي في جميع الشعوب التعميم في مشارق الأرض ومغاربها كان أمراً يتحتم تنفيذه بحد الحسام وبديهي أنه ليس من دين