للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحكومة ومناصب الدولة مستباحة للمسلم وغير المسلم على السواء. ولقد أحل النبي عليه السلام زواج المسلم من اليهودية والنصرانية والزردشتيه. ولكنه لم يحلل ذلك لأسباب سياسية ظاهرة. وهذه تركيا وفارس الإسلاميتان تستند مصالحها الخارجية إلى نفر من نصارى رعيتها. وكذلك نرى أن اختلاف الدين يعد في عالم النصرانية جريمة ولكنه في نظر الإسلام لا يعد إلا شيئاً عرضياً وأمراً اتفاقياً. وقد قال المؤرج ايركيهار (مازال اختلاف الدسن في مذهب المسحيين بعد سبباً حاملاً على إقامة الحرب وليس هذا مقصوراً على عهد القرون المظلمة ولا بين ذوي التعصب الديني فقط، ومن نظر في صحف التاريخ رأى أنه منذ مذابح السكسون والفرزبانيين وغيرهما من القبائل الجرمانية باسم الدين بسيف شارلمان، ومنذ مقتل الملايين من خلق الله في المكسيك وفي بيرو، ومنذ إحراق الالآف من عباد الله الصالحين رجالاً ونساء. ومنذ مذبحة قبيلة الالبيجبنزبين ومنذ المشاهد الدموية التي وقعت في الحرب الثلاثينية الدينية - إلى فظائع الاضطهاد التي وقعت في اسكولتندة الكلفينسنية (نسبة إلى مذهب كالفين الزعيم الديني المشهور) وفي انكلترا اللوثرية (نسبة إلى مارتن لوثر وهو أشهر من أن يذكر) - تمتد سلسلة متوالية متواصلة من الظلم والعدوان والبغي والطغيان. والجهل والجمود والتعصب.

لقد قيل أن دين الإسلام ذا الغبي والعدوان قد بث روحاً حربية في عالم النصرانية أثناء القرون الوسطى، فرداً على هذا نقول أن مذابح جاستنيان وحروب كلوفيس الفظيعة التي جرت باسم الدين (المسيحية) قد وقعت قبل عهد محمد بأزمان طويلة.

قارن أيضاً بين سلوك النصارى الصليبيين والمسلمين. لما استولى الخليفة عمر على بيت المقدس في عام ٦٣٧ بعد الميلاد سار على ظهر جواده خلال المدينة إلى جانب البطريق (سوفرونيوس) يحاوره في شأن ما بها من الآثار. فلما جاءت ساعة الصلاة أبى أن يصلي في كنيسة (البعث) حيث اتفق وجوده إذ ذاك واكنه أدى فريضة الصلاة على عتبة كنيسة (قسطنطين) واحتج لعمله هذا بقوله للبطريق (لو أني تبعت رايك لما أمنت أن بجرؤ المسلمون في مستقبل الزمان أن ينقضوا المعاهدة بحجة أنهم يحذون حذوى ويقفون أثري) فلما استولى الصليبيون على المدينة لم يمتنعوا من فلق جماجم الأطفال على الجدران وقذف الرضعاء من فوق شرفات الحصون. وشي الرجال على جمر النيران. ومن يقر بطون