للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وليديا وكثير من الشعوب القديمة التي كانت تسكن أقاليم عدة من بلاد الغرب والأقاليم الواقعة في غربي آسية وزادت عن الحد وتمادت حتى تجاوزت الوصف.

ولقد كانت الزوجة في أهل أثينا القديمة - وهي ولا خفاء أكبر الأمم الأثرية القديمة حضارة - متاعاً يباع ويشترى وسلعة في السوق تنتقل من حوزة رجل إلى رجل، وكانت تعد شراً لا غنى عنه في البيت وللابتذال في لخدمة وإخراج الذراري والأطفال وكان للأثيني أن يتزوج بمن شاء من النساء حتى فقد جعل الخطيب ديموستينس - وهوهو في براعة الخطابة - يفخر بأن في أمته ثلاث طبقات من النساء، طبقتان منها أزواج شرعية وأخريات غير شرعية.

ولئن كان الرجال في اسبارطة القديمة لا يباح لهم الزواج بأكثر من واحدة فقد كان لنسائهم أن يتزوجن بأكثر من رجل واحد.

ولعل الظروف لخاصة التي وضعت فيها أنظمة الدولة الرومانية هي التي حالت دون إباحة تعدد الزوجات في إبان نشأة تلك الدولة، ومهما كان نصيب قصة اختطاف نساء السابين وسبيهن في أوائل العهد بدولة الرومان من الصحة والحق، فإن ثبوت تلك القصة في سجل التاريخ باعث على الظن بأنها كانت العامل في وضع الأنظمة الأولى عندهم في الزواج والأسرة، على حين أن تعدد الزوجات في الولايات المجاورة لرومة وفي ولاية اتروسكان خاصة كان عادة شائعة وسنة مألوفة، وجاءت بعد ذلك الحروب الكثيرة والغزوات الطويلة والفتوح المستمرة وما كان منها من حدوث الاختلاط بالأمم الأخرى التي كانت تسكن إيطالية. ثم الترف الناشئ من النجاح والرفاهية التي تعقب الانتصارات فكانت كلها سبباً في جعل مشروعية الزواج عند الرومان أمراً لا أهمية له ولا ضرورة فلم يكتفوا بإباحة تعدد الزواج وجعله شرعة ونظاماً مقرراً بل استحال الزواج كذلك ضرباً من النسري لا أكثر ولا أقل. ولم يلبث النسري بعد أن أقرته شرائع الدولة الرومانية أن أضح في قوة الشريعة المباحة والسنة المقررة، ولذلك كانت حرية النساء وضعف الرابطة التي تمسكهن بالرجال وتبادل الزوجات بين الرجال أو التنازل عنهن لم تكن جميعاً إلا تعدد الزوجات بعينه وإنما تحت اسم آخر، وفي شكل مختلف.

وبدأت يومئذِ تعاليم المسيحية الأولى تلقي على سواحل غاليلية وتشع على العالم الروماني