للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والفكرة القديمة التي كانت تجري في أذهانهم من أن نبي الإسلام هو الذي كان أول من سن تعدد الزوجات وجعله شريعة من الشرائع الاجتماعية - وهي فكرة تدل على مقدار جهل الذين حملوها أدمغتهم - قد هدمت اليوم ودحضت وظهر لهم فسادها ولكن الخطأ الذي لا تزال جماهير العامة تستمسك به وتصر عليه. ولا يزال خلق كثير من المتعلمين ورجال المسيحية يقولون به هو ما قدمنا من أن محمداً اتخذ تعدد الزوجات شريعة وأقره سنة وقانوناً. وتلكم فكرة ليس في الدنيا أفسد منها وأبعد عن الحق. وأضعف أساساً. فإن محمداً وجد تعدد الزوجات معمولاً به بين أمته وجيران أمته والبلاد الواقعة حول جزيرته حيث اتخذت ثمت مظهراً مخيفاً. وكانت في حال التفشي سيئة نكراء ونحن لا ننكر أن قوانين الإمبراطورية المسيحية حاولت أن تصلح من أمر هذه النقيصة وتكسر من حدتها ولكنها عجزت وعادت مخيبة طائشة السهام فظلت تلك العادة نامية متأصلة لا راد لها ولا زاجر يزجرها. وظلت الزوجات المسكينات اللاتي تزوج منهن الرجل بعد زوجته الأولى يعانين جملة من الآلام وضروباً من الشقاء.

وكان فساد أمر الأخلاق في بلاد فارس على عهد ظهور النبي وتحطم مبادئ الأدب والشفاعة والسوء بحال مروعة. فلم يكن ثمت للزواج قانون أو شرعة معروفة. وإن كان ثمت قانون فلم يكن أحد منهم يعترف به أو يرتضيه.

ولما كان كتاب الزندافستا لم يضع حداً محدوداً لعدد النساء اللاتي يجوز للرجل الابتناء بهن لم يكن من الفرس إلا أن جعلوا ينعمون بعدد عديد من النساء وعدد مثله من السراري. وكانت هناك عادة أخرى غير تعدد الزوجات عند الجاهلية واليهود وهي عادة زواج المتعة فكان هذا التحلل الشنيع في المبادئ الاجتماعية أثر مخيف سيء منكر في حياة المجتمع بجزيرة العرب.

على أن الإصلاحات التي أسننها النبي أحدثت تحسيناً متسع المدى بينا محسوساً من وجهة مركز المرأة على حين كانت حالة النساء عند اليهود والعرب غير المستعربة نهاية في الانحطاط والمهانة والسوء فقد كانت الفتاة اليهودية في بيت أبيها في مكان الخادم لا أكثر ولا أقل وكان لأبيها أن يبيعها في السوق إن كانت قاصرة ولأبنائه الذكران من بعده أن يتصرفوا بأمرها كما تشاء أهواؤهم وكانت الفتاة لا ترث أبويها إلا إذا كانت وحيدة لا