للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأعادت السؤال على الشبح فلم تجب كذلك وإما رفعت ذراعيها وجثمت فوق ركبتيها ودفنت وجهها في راحتيها وجعلت تصلي ثم لم تلبث أن زال الضوء واختفى كل شيء. والأثر الذي أحدث ذلك المنظر في السيدة المشاهدة دل على أن تلك المرأة كانت في يأس واستسلام. على أن المشاهدة لم تنزعج مطلقاً ولم تضطرب أعصابها من هذا المشهد بل أخذت بقية الليل تقرأ في كتابها الذي تركته قبل النوم.

وهذه الحادثة وأمثالها كثيرات. ومن بينها ما روته السيدة تويديل في كتابها الأشباح التي رأيتها وهي سيدة مصدقة منة الثقات. فقد روت تلك الكاتبة أنها كانت تسكن يوماً في بيت قديم في غربي لندن. ففي ليلة قرة من ليالي الشتاء وإنها لمغفية بين النوم واليقظة. إذ سمعت صوتاً أشبه بتصفيح أوراق كثيفة ففتحت عينيها وإذ ذاك رجلاً جالساً في مقعد أمام الموقدة المشبوبة. وكان في ثوب عسكري من الطراز الذي كان يلبس في أيام القائد نلسون ذي أزرار نحاسية. وكان الرجل مجيلاً البصر في النار المشبوبة أمامه. وهو ممسك بإحدى يديه عدة أوراق وكان جميل الطلعة رائعاً غيسانياً. وظل ساعة في مجلسه ودخان النار متصاعد من فوق الأزرار النحاسية. ولبث كذلك حت الساعة الأولى من الصبح فاختفى بالتدريج. ورأت السيدة الشبح بعينه عدة مرات ولا مشاحة في أن الشبح كان دائماً في مكانه. وإنما رؤيته كانت تتوقف على حالة السيدة المشاهدة. وهذه الحادثة تشرح رأينا في أن ذلك الشبح إنما كان صورة ذهنية ظلت بالمكان الذي وقعت عنده الحادثة. فإن تلك الأوراق التي كانت في يده توحي إلى الإنسان إنها كانت وصية أو أوراقاً ذات أهمية كان ذلك الضابط بعدها أو كان تلقاها. وكانت قد أحدثت له مشاغل وآلاماً ودليل ذلك جلوسه أمام النار مفكراً واجماً سارحاً في التفكير.

وهنا أضرب لكم مثلاً من أعجب الأمثلة التي دونت منذ بضع سنين ونشرت في مجلة الوايد ورلد وأنا على أتم الاعتقاد بأن تلك القضية حقيقية، وقامت على أساس متين من الحقائق. وتفصيل تلك القصة إن سيدة وأطفالاً لها كانوا يسكنون بيتاً منفرداً منعزلاً على ساحل البحر وقد أزعجهم شبح جعل في ساعة معلومة من الليل يهبط سلالم البيت ثم يختفي في حجرة الطابق الأرضي في البيت. وكانت السيدة على شيء من الشجاعة فأجمعت النية على أن تجلس لانتظار رؤية ذلك الشبح فما لبثت عند حلول الميعاد المعلوم