للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أذهلته بالنوم عن آلامه. وكذلك قد أصاب في أجرة الأسبوع ما استجلب به رقاد ليلة - ولعل ما دفعه في ذلك إنما هو نفقة قوت عليه. والآن وقد ترك داره في مثل هذه الساعة فلا يبعد أن زوجته تغشه وتخدعه وتفتح باب حجرته لأنداده. وتبذل فراشه لخصومه وأضداده. ما أعمق نومه! ووالله لو أني ضربت بيدي على عاتقه وصحت به انتبه فلقد هجم عليك من بهم أو قلت له قم فلقد والله شبت النار في بيتك لما زاد على أن يتحول عن جنب إلى جنب ثم يعاود نومه.

وهنا انصرفت عن الرجل أسير في الطريق بخطوات فسيحة ثم استرسلت في مناجاة نفسي فقلت (هذه حال ذلك الرجل وعكسها حالي. فأنا الذي أملك من المال ما يمكنني من إدامة النوم عامين أو ثلاثة وتراني مع ذلك لا أكاد أحصل على ساعة من النوم إلا بشق الأنفس. وإني لفرط كبريائي لا أستطيع غشيان الحانات لاستجلاب النوم بالكأس كما فعل هذا الرجل. ولا أكاد أصدق أن كأساً نم الراح تذهب عن المرء آلامه وأوجاعه. ولا أدري كيف يتأني أن عنقوداً من العنب ينسحق تحت أقدام أناس عديدين مستطيع أن يبدد أوجع الأحزان. وأبرح الأشجان. وكيف ونحن من فرط الألم نبكي بكاء النساء ونتوجع توجع الشهداء ويخيل إلينا في وحشة اليأس والقنوط أن عالمه قد سقط على رؤوسنا فتصدع وتحطم وارفض حولنا بددا وتمزق أرباً أرباً. فنحن نبكي وننتحب كما كان يفعل آدم مطروداً على أبواب الجنة. أرشفة من المدام.؟؟؟؟ للغليل والأوام. تشفي آلام الإنسان. وتأسو جراح الأحزان؟ إذن فما أيسر خطبنا. وما أهون كربنا. إذا كان في حسوة نم المدام وشك شفائه. وفي نهلة من الشمول ذهاب دائه. ولقد يدهشنا أن عين العناية المطلعة على كل آلامنا وأوجاعنا. وعلى شهواتنا ورغباتنا. وأغراضنا وأوطارنا. وعلى عزائمنا وهممنا. وخيبتنا وفشلنا. وعلى لجج الشرور والآفات المحدقة ينا. المصطدمة حولنا. لا تكلؤنا ولا تحوطنا ولا ترعانا ولا ترسل إلينا ملائكتها الكرام ليقضوا حاجاتنا ويجيبوا مطالبنا فمالي لا أصنع صنيع هذا الرجل. ومالي لا أنام على هذا المقعد كما ينام على مقعده. لعل خصمي يخلو الآن بحبيبتي وسيفارقها مطلع الفجر إذ تشيعه إلى الباب وعساهما يرياني وإني لمستغرق في نومي. فإذا وقع ذلك فما أحسب أن صوت لثماتهما المتبادلة يستطيع أن يوقظني من رقدتي. فيضطران إلى إيقاظي بلكزة من كفيهما. فإذا فعلا