للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هناك طفلة صغيرة عمرها تسع سنوات ا، اواثق من أنها أرجح عقلاً من كل الحكماء وقد قالت لي في التو واللحظة ان الإنسان يرى في الكتب ما لا يراه في الحقيقة لأنها جد بعيدة عن عنها أو لانها قد انفرط زمانها ومضى عهدها ولكن ما نراه في الكتب نراه رديئاً ممسوخاً أو محزناً مكمدا واني أظن أنه ينبغي للأطفال الابتعاد عن قراءة الكتب وانه يوجد في الدنيا آلاف الأشياء الصالحة للنظر والمشاهدة ولا نراها في الكتب مثل البحيرات والجبال والأنهار والمدن والحقول والبحر والسفن والسماء والنجوم.

اني أشايعها على فكرها وأن لنا ساعة نعيشها فلماذا نتعب رؤوسنا ونذيبها من أجل أشياء كثيرة؟ ولماذا نحاول أن نعرف كل شيء ما دمنا نعلم أننا سوف لا نعلم شيئاً أننا نعيش في الكتب أككثر مما نعيش في الطبيعة وأننا لنشبه ذلك الأبله الذي استمر مسترسلاً في قراءة إحدى مؤلفات الإغريق وإزاء عينيه كان بركان فيزوف الثائر يواري خمسة مدن تحت رماده.

الاستسلام

ليس عندنا من شيء نعمله في هذه الدنيا سوى الاستسلام للظروف وان الطبائع الأنبل تعرف كيف تخلع على الاستسلام ذلك الاسم الجميل - الاقتناع - وأن الأرواح السامية تستسلم وتلقى مقادتها إلى الأيام رفرح مقدس وهي لا تزال تجاهد بين الشك المؤلم المكمد وبين الحزن الشامل الغالب وتحت السماء الخاوية المقفرة لتحفظ الفضائل القديمة السالفة نقية الصفحة مطهرة الأديم وهي تؤمن بأنها مرغمة على الإيمان وحب الإنسانية يملأ نفوسها حرارة وحمساً بل هي تفعل أكثر من ذلك. إنها تنقب باهتمام نقي طاهر عن تلك الفضيلة التي تضعها المسيحية في لذروة العليا والمستقر الاسمي لانها تستصحب الفضائل وتحل محلها فضيلة الأمل، فلنشعر نفوسنا حلاوة الأمل لا في انسانية فإن بكل مجهوداتها العظيمة ومساعيها الجسيمة لم تستط إخماد جذور الشر المشبوبة ونيرانه المتأججة، ولكن لنعقد الآمال وننيط الرجاء بالمخلوقات التي لا يمكن لعقولنا أن نتصورها والتي يوماً ما ستترقي من الإنسان كما ترقى الإنسان من الحيوانات الوضيعة ودعنا نحيّي باحترام وإجلال هذه المخلوقات الأسمى من الإنسان أهل الأزمنة المقبلة ولنجعل أملنا مرتكزاً على اللم العام وعلى العمل فإن قانونهما التحول والتبدل وان لنشعر بوقع ذلك الألم الواهب