للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومدهشات قواها وتأثيراتها أثر مما وصل إليه الماديون أنفسهم.

وجدير بنا أن نذكر مبدئياً أن تقدم المظاهر الروحانية لم يكن إلا تدريجياً وأن تمقص الأرواح في المادة (ظهورها على أشكال مادية) إنما هو أمر حديث العهد. ثم أنه أخذ يزداد ويتفشى في العقد السابع والثامن من القرن التاسع عشر إذ تطرقت إليه أساليب التزوير والتدليس والتمويه بسبب ضعف العالم إذ ذاك في علم الانتقاد والتمحيص فكانت ظلمات الجهل المخيمة حينذاك مما ساعد كثيراً على انتشار ذلك واستفاضته. بيد أن بقطع النظر عما كان يشوب نلك المسائل الروحانية من مظاهر الغش والتزوير لقد كان يوجد بينها ما هو حق صرح وصدق بين. ولقد أثبت العلماء الراسخون في ذلك الباب والثقاة الجهابذة أثناء مشاهداتهم العديدة لتلك المظاهر الروحانية أنه يوجد بعض أشخاص ممن يسمونهم الوسائط المجسمة (أي المستطيعة إبراز الأرواح في ثرب من المادة) قد امتازوا بخاصة أو موهبة مادية غريبة وهي أنهم يستطيعون أن ينفثوا من أبدانهم مادة غروية لزجة مخالفة في كنهها لكل ما قد عرف حتى الآن من جميع أشكال المادة وصورها من كونها يمكن تصلبها (أي صيروتها مادة صلبة) واستعمالها في أغراض مادية وهي مع ذلك يمكن استيرادها إلى داخل الجسم من حيث أتت دون أن تترك أدنى أثر البتة ولا على الثياب التي اخترقتها عند انبعاثها من الجسم. ولقد تمكن بعض البحاثين فعلاً من لمس هذه المادة فخبروا أنها مادة مرنة مطاطة وفيما يظهر حساسة كما لو كانت إفراز عضوياً من جسم الواسطة. ولقد استقل رجال العلم هذه الآراء بالهزء والسخرية طبعاً. ثم انبروا إلى دحضها ونقضها بالبراهين التشريحية وبالحجج الطبيعية العامة غير أن الأبحاث الحديثة العهد قد أثبتت كما سأبين ههنا أن الروحانيين المنقدمين كانوا في هذه المسألة وفي غيرها رواد الحق المبين وأنهم قد عثروا على أغرب وأعجب ما بدا في الكون من مظاهر المادة.

وفي عام ١٩٠٩قامت المدام اسكندربيسون_وهي سيدة فرنسية من المولعات بالعلوم الطبيعية - بدراسة هذه لظاهرة وجعلت واسطتها في ذلك امرأة تدعى حواء كانت قد أوتيت القدرة على تكوين هذه المادة التي سماها شارل ريشيه الفسيولوجي الفرنسي الشهير الابكتو بلازم وقد أيدها في هذه المباحث دكتور الماني لسمه شرنكتو تزنجإذ جمع مذكرات الجلسات فيما بعد فنشرها بالفرنسية في كتاب عليه اسم المدام بيسون بعنوان ظواهر