للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك لعبرة لمن اعتبر ودليلاً قاطعاً على عجز العلماء المحققين والفحاص المدققين وضعف أحلامهم وانحسار أوهامهم على سر أعماق الطبيعة وإدراك أسرارها الخفية وبرهاناً ساطعاً على أنه قد يستحيل البتة على أمهر فلاسفة الماديين أن يهتدوا إلى تعليل أمثال هذه الحقائق الثابتة بما يطابق نظرياتهم المادية. وقوانينهم الفسيولوجية والكيماوية. وأن أقصى ما وصل إليه جهد العلماء في هذا السبيل وآخر ما اهتدوا إليه من تعليل هذه الحقيقة الثابتة هو ما قاله المستر جوزيف كراب في مباحثته العلنية التي جرت بيني وبينه حديثاً من أن المادة اللزجة المنبعثة من أجزاء جسم الوسيط المسماة الاوكتوبلازم ما هي إلا حالة من حالات رشحان المواد الغذائية غير المهضومة من نوافذ الجسم ومسامه! ولقد نسي - حفظه الله_أن وجه الوسيطة وجسدها وسائر أعضائها كانت في بعض التجارب تلف لفاً محكماً في زرد حصيف من الحديد جيد الحبك لا ينفذ منه الماء وقد كان الاكتوبلازم يمر منه وينفذ. فلو كانت هذه المادة هي من محتويات المعدة والامعاء الت يقيئها الجوف ويرشحها سوء الهضم فكيف كانت تستطيع النفاذ من هذا الحجاب الكثيف والغطاء المحكم الحصيف!

هذه الحقائق قد أيدها وأكدها الدكتور شرنكتوتزنج الألماني بما أجراه من التجارب على وسيطة أخرى من نساء بولونيا ممن امتازوا لقوة نفث مادة الاكتوبلازم فإن هذا الدكتور لما اجرى تجاربه على الوسيطة البولاندية وصل إلى عين النتائج التي كان أفضى إليها عندما أجري تجاربه الأولى على الوسيطة حواء. وقد شهد تجاربه الثانية نفر عديد من فطاحل علماء الألمان المدققين قأقروا بصحتها وخلوها من أساليب التدليس والتمويه ولقد أمعن الدكتور شرنكتوتزنج - بفضل ما امتاز به أهل جلدته الألمان من فرط التحقيق - في اعماق الموضوع وتغلغل في صميم لبه إلى أبعد وأعمق مما أفضى إليه سلفه (أعني المدام بيسون) وذلك بقصه بضع شعرات من شعر الأشباح المكونة من مادة الاكتوبلازم فقارن بواسطة المكروسكوب بينها وبين شعر الوسيطة (وكانت الوسيطة هي حواء. وقد جرت هذه المقارنة في بعض التجارب التي جرت في فرنسا) ثم أثبت بعدة اختبارات كيمياوية أن هنالك خلافاً بينا بين عتيي الشعر وأن شعر الشبح لا يمكن أن يكون مصدره من شخص الوسيطة بل هو أجنبي غريب عنها وصادر من شيء غيرها. ثم أخذ قطعة من الاكتوبلازم فأحرقها في جهاز كيماوي فاحترقت مستحيلة إلى رماد ينبعث عنه رائحة كرائحة القرن