للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرومانية الغربية في المغرب. ودولة الصين في المشرق. وإذا حم هذا ووقع. فهل تراه سيمتد فينال من العالم الجديد. ويبلغ أمريكا القوية أم لأمريكا من نظامها وكيانها ووحدتها ما يبقيها سائرة إلى الأمام إذا تحطم العالم القديم وانهار تلك هي الأسئلة الواسعة العويصة المشكلة. التي يجب على كل رجل منا أن يتساءلها ويحتال على الجواب عنها.

فالناس يعدون أبطال الحرب عامة من الدنيا والتعفية على آثارها، ومحوها من تاريخ المستقبل، محور كل هذه المسائل، ولكن الحرب ليست شيئاً جديداً في العالم وقد حاولت الإنسانية طول تلك القرون الماضية أن تسير في سبيلها على الرغم من تكرار الحروب ورجوعها. بل السواد الأعظم من الدول والممالك ظل طول عهده وفي سبيل تطوره في حروب لا يخبو لها ضرام ولا يبرد وطيس، فلا أثرت تلك الحروب في كيانها، ولا أنقصت من هنائها ورغدها. على أن تلك الحروب الماضية لم تكن على شاكلة حروب اليوم وليست الحروب القديمة هي التي عدت على سير النمو الذي كان مطرداً منذ قرن ونصف. وليست الحروب القديمة المألوفة هي التي أوقفت التيار المندفع إلى الأمام بل هي هذه الحروب الجديدة بما دخل عليها من التغيير وما أوسع من جوانبها ومد في نطاقها من الوسائل المستحدثة والمخترعات المستطرفة، بل هو هذا التغيير بعينه، وهذا التوسع في الحرب بذاته، وليست الحرب في نفسها بخيلها ورجلها هو ما ينبغي لنا أن نأخذه بالتحليل والشرح والبحث.

في عام ١٩١٤ عمدت دول المغرب إلى الحرب. كما عمدت إليها قبل ذلك في مناسبات ماضية. وظروف سابقة. للفصل في أمور خطيرة ثارت الثائرة عليها فيما بينهم. فلم يكد ناقوس الحرب يدق. وتنطلق القذيفة الأولى في الفضاء. حتى اندلع لسان الحرب بسرعة لم نشاهد مثلها من قبل، واندمج العالم كله فيها واشترك في نارها. فأحدثت الحرب شناعة. ووسائل مخيفة من وسائل التخريب والتدمير. لم نشهد نظائرها في الحروب المتقدمة. فهذا الاختلاف في طور الحرب هو لب البحث وجوهر الموضوع. وقد تبين أهل الأذهان المفكرة أن الحرب مهما وجدت لها من الشفائع في الماضي والمعاذير المبررة للالتجاء إليها عند احتدام الاختلاف بين الأمم والأمم. لم تعد الطريقة التي يصبح اتخاذها الآن في الخلافات الدولية. وكان من ذلك فكرة عصبة الأمم. وإنشاء محكمة عالية كبرى يرجع إليها