للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الهجاء.

وممن استعمل الفكاهة في الهجاء من غير أن يبيح حرمة الأدب أبو العلاء المعري حيث يقول:

رويدك أيها العاوي ورائي ... لتخبرني متى نطق الجماد

وأبو تمام حيث يقول:

ألصقت قلبك من بغضي على حرق ... أضر من حرقات الهجر للجسد

أنحفت جسمك حتى لو هممت بأن ... ألهو بصفعك يوماً لم تجدك يدي

ومن بديع ما سمعت من الفكاهة قول أبي نواس وكان قد حبسه الفضل بن الربيع في أيام الأمين حتى أشاع أهل خراسان أنه يصطفي ماجناً خليعاً ويقضي معه ليله ونهاره فأقام أبو نواس في السجن زمناً ثم استتابه الفضل فتاب فعفا عنه فبعث إليه بهذه الأبيات:

أنت با ابن الربيع ألزمتني النس - ـك وعودتنيه والخير عاده

فارعوى باطلي وأقصر حبلي ... وتبدلت عفة وزهاده

المسابيح في ذراعي والمص - ـحف في لَبّتي مكان القلاده

وإذا شئت أن ترى طرفة تعـ - ـجب منها مليحة مستفاده

فادع بي لا عدمت تقويم مثلى ... وتفطن لموضع السجاده

تر إثراً من الصلاة بوجهي ... توقن النفس أنه من عباده

لو رآها بعض المرائين يوماً ... لاشتراها يعدها للشهادة

ولقد طال ما شفيت ولكن ... ادركتني على يديك السعاده

وهناك نوع من أنواع الفكاهة يسميه الأفرنج الفكاهة اللفظية وشيخ هذه الصناعة (فولتير) ورب الفكاهة الخيالية عندهم هو جان بول رختر الألماني أما شكسبير فنصيبه من النوعين أوفر نصيب والعرب تستعمل الفكاهة اللفظية ولكنهم قد يغالون فيها فتجيء سمجة والفكاهة اللفظية مثل قول المتنبي:

كأن السُماني إذا ما رأتك ... تصيدّها تشتهي أن تصادا

ويعجبني منه استخدامه هذه الفكاهة اللفظية في الاعتذار حين عاتبه بعض أخوانه لأنه لم يرد سلامة فقال: