للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكملتها في يومين وهذا لوجه أتممته في بضع ساعات وهذا في ساعة أونحوها. وليس الفن في مذهبي إضافة نقطة إلى نقطة وجمع خط إلى خط. ليس هذا بفن المصورين ولكنها (مهنة المبيضين والنقاشين) على هذا النحوكان يخطب في زواره ووافدوا داره. وكان هؤلاء يعجبون بسرعة يده وجرأتها ويصيحون (يا للحذق ويا للبراعة؟ هكذا هكذا النبوغ هكذا فلتكن العبقرية! انظروا كيف يتحدث؟ انظروا كيف من فمه تفيض الحكمة وكيف في عينه يتألق بريق الذكاء والألمعية. حقا إنا لنبصر في وجهه معنى غريبا خارقا).

لقد سر المصور أن يسمع عن نفسه أمثال هذا الكلم. وكان إذا نشرت الجرائد عنه تقريظا أبدى فرحة الصغار. بالطبل والمزمار. وإن كان هونفسه الذي اشترى ذلك التقريظ بالدرهم والدينار. وكان يقص من أوراق تلك الجرائد القطعة المسطرة بتقاريظه فيحملها في جيبه أينما حل وارتحل فيحتال لعرضها على أبصار خلاته وأخدانه كما لوكان ذلك قد جاء صدفة واتفاقا.

وازدادت شهرة شارتكوف وتكاثرت عليه الطلبات والأعمال فاشتد ملله من تشابهها وتمثله وكان قد كاد يحفظ أشكالها عن ظهر قلبه. فكان يرسم الآن زبائنه بلا أدنى جهد ولا مشقة فيضع على اللوحة الخطوط والتعاريج الأولية ويلقي بها إلى تلاميذه ليكملوها. وكان ما يعرض عليه الآن من وجوه موظفي الحكومة والضباط ورجال السياسة ليس فيها مجالا فسيحا لريشته فنالها الوهن والعجز وكلال الحد وفقدت الحذق والمهارة والبراعة وأصبحت عاجزة عن تصوير الأشكال الرائعة وإبراز العواطف الشديدة والشهوات العنيفة وكذلك فقد لذة تصوير المناظر التمثيلية وعلاقاتها الفنية الرائعة. ولم يبق أمامه سوى الملابس الرسمية والأزياء العسكرية التي تنطفئ إزاءها جذوة الفن في صدر المصور وتبريد حرارته ويفر الخيال منها فرارا. وكذلك انعدمت منها كل مزية فنية من صوره حتى مزاياه الخاصة الشخصية وإن بقي لتلك الصور رواجها وشهرتها لدى أهل المدينة جميعا اللهم ما عدا ذوي الخبرة والدراية فهؤلاء كانوا إذا عرضت عليهم أحدث مصنوعات شارتكوف هزوا أكتافهم تسخطا واشمئزازا أما من كان قد عرف المصور في عهد صباه فهذا كان يحار في أمره ويعجب

أين ذهبت تلك العبقرية التي كانت تبدوشواهدها وتظهر مخايلها في عنفوان شبابه وأول