للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشريف الأنبل فتنعدم في نظرها هذه الآفات كما تنهزم جحافل الظلماء أمام أسنة الأشعة المشرقة بل ما أجدر روحه العظيمة أن تستلذ آلام تلك الفظائع في سبيل الواجب المقدس ومازال أبطال الحرية من أقدم الأزمان إذا نزل أحدهم من بطن أمه أخذ أخصر طريق إلى موقف مناوأة الظلمة الجبابرة الطغاة ثم أخذ أقصر طريق من هذا الموقف إلى المشنقة أوالمقصلة أوسيف الجلاد ثم تراه يتهافت على الموت كأنه ألذ متعة النفس وأشهى أمنية الروح، ولا بدع أن يفرح الأبطال بالموت إذا وجدوا الحياة شرا من الموت.

أبوأن يذوقوا العيش والذم واقع ... عليه فماتوا ميتة لم تذم

دعاها الردى بعد الردى فتتابع ... تتابع منبت الفريد المنظم

ومن كانت هذه درجته من البطولة كان حريا أن لا يقشعر جلده الرقيق من أفظع آلات التعذيب وأن لا تروعه النار المحرقة، واللجة المغرقة. والعقدة المزهقة ولا السيف المشهور. والكفن المنشور. واللحد المحفور. وقد روي عن القس المتورع (أنتوني بارسونر) من أفراد الملة البيوريتانية الإنكليزية أنه لما قدمه جبابرة الكاثوليك للنيران فدنا منه لهيبا تناول قشا من بين يديه فوضعه على رأسه ليكون أسرع لسريان النار ثم قال (هذه قلنسوة الله).

وكذلك ترى إن أس البطولة هوالثبات على المبدأ وما رأينا ولا سمعنا بمن بذ سعدا في هذه الفضيلة. لقد رأينا من كان حوله يتلونون كل ساعة لونا ويتشكلون كل برهة شكلا تأثرا بالأهواء والمطامع وحرصا على إرضاء بعض الأفراد أومتابعة الجماهير. والحرص على إرضاء الأفراد ومتابعة الجماهير مناف للبطولة بل هوعكس البطولة ونقيضها إذ هوالخور والضعف المبين بينما البطولة هي القوة العظمى. هذا ومتابعتك الغيرة دليل على فرط حاجتك إلى تأييدهم إياك ومساندتهم لك عطفهم عليك. واحتياجك إلى مثل هذا من الغير دليل على ضعفك وعجزك عن القيام على قاعدتك وأساسك. والرجل العظيم متى اقتنع بصحة رأيه وصلاح فكرته نفذها بلا أدنى اهتمام بآراء الغير بل نفذها على اعتبار أنه هووحده الحي العائش على ظهر المعمور وإن كل من حوله من أناس ليسوا سوى أحلام وأوهام. فإن شئت أن تكون رجلا وتكتب في سجل البطولة فنفذ فكرتك وامض عزمتك والزم مذهبك واثبت على مبدئك وإذا حمل ذلك الناس على الضجيج من حولك استنكارا لك