للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يهبط على قلوب تلك الطوائف الإسلامية الضالة فيخرجهم من دياجير ما يغشاهم اليوم من تلك الجهالة والعماية. ولا مراء في أن كراهة تعدد الزوجات قد أصبحت اليوم عقيدة راسخة اجتماعية إن لم تكن أخلاقية. وفي البلاد اليوم من الظروف القهرية مع ما بها من تلك الكراهية للمذهب التعددي الآنف الذكر ما يتجه إلى اقتلاع هذا المذهب من أمم الهند الإسلامية فقد أصبح من الشائع بين جميع هذه الأمم أن يدون في عقد الزواج فقرة تنص على أن الزوج يتعهد بالتنازل عن كل حقه المفروض في التزوج من أي امرأة أخرى طوال استمرار الزيجة الأولى. ونحن نرى أن ٩٥ في المائة من مسلمي الهند الآن كلهم على مذهب (توحيد الزوجة) إما عن عقيدة أو ضرورة. أما بين الطبقات المهذبة العليمة بتاريخ أسلافها القادرة على المقارنة بين هذا التاريخ وتاريخ غيرها من الأمم فإن المذهب التعددي مكروه غير مستصوب. وكذلك في بلاد الفرس نرى أن نسبة قليلة جداً من السكان - ٢ في المائة - هم الذين يتمتعون بلذة المذهب التعددي المشكوك في صحتها، والذي يرجوه العقلاء من صميم أفئدتهم أنه لن يمضي إلا قليل من الوقت حتى نبصر أئمة الدين قد اجتمعوا فقرروا نهائيا قرارا ساري المفعول نافذ الحكم أن المذهب التعددي هو كالرق مكروه في نظر الشريعة الإسلامية.

والآن إلى مسألة زيجات النبي التي قد جعلوها ذو الجهل بالحقائق المقررة أو ذو الإنكار لها ميلا مع الهوى وقلة نزاهة حجة بتوجيه المطاعن ضد محمد. فقد احتج معترضون من النصارى بأن محمد بكثرة زيجاته قد خص نفسه بما لم تبحه الشريعوة من الملاذ فاظهر بذلك من وهن العزيمة وقلة الحزم ما ينافي واجبات الرسل وسير الأنبياء ولكن من تأمل الأمر ببصية الواسع الإطلاع على الحقائق التاريخية وإنصاف الحكم العادل حكم قطعا أن محمد لما تحمل عبء مساندة السيدة المسنة (السيدة خديجة) بتزوجه إياه حسب النواميس القديمة المتبعة وكان إذ ذاك فقيرا معوزا كان إنما يكلف نفسه تضحية ذاتية لا يستهان بها، ولا مراء في أن من حلل نوايا محمد ومراميه في ذلك الصدد تحليلا تاما في الوجهة الإنسانية المحضة المجردة من الأغراض الشخصية تبين الكذب الصراح وسوء النية فيما يوجه إلى (بطل العرب) من التهم في ذلك الشأن. نقول أن محمدا في الخامسة والعشرين من عمره في زهرة شبابه تزوج خديجة وكانت تتقدم عنه في السن بمراحل وقد لبث معها