للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأكد لي. لا. إن هناك عنصرا من عناصر الطفولة في الفنون إن هذا العنصر يجرد العداء الشد \ يد من سلاحه وإن النحاتين والمصورين هم ملوثو الصور الجميلة وهم صانعوا العرائس والألاعيب وليس أكثر من ذلك وأي ضرر عظيم في ذلك؟ بل ينبغي لنا أن نقر ونعترف بالفضل والألمعية للشعراء ولو لم يكن ذلك إلا لأنهم يستعملون الألفاظ بعد أن يجردوها من المعنى الجدي الرصين والمغزى الوقور الهام وسنبقى شاكرين لهم إذا كانوا لا يبتغون هذا المطرب بجد وحماسي وإذا هو لم يتركهم يتسكعون في مذاهب الأنانية الوضيعة الممقوتة وإذا هو لم يخلفهم سريعي الغضب خفاف الرأس فتلتهب في صدورهم نيران الحسد وتغلي فيه كراجل الأحفاد خليقين بمستشفى المجاذيب وتعاطي العقاقير الصالحة للعقل وعجيب أنهم يترقبون أن يحصدوا الشهرة وبعد الصيت من وراء هذه الزينة الكاذبة والزخرف الباطل وهذا دليل وضعي على خبلهم وجنونهم وإنه من بين كل أنواع الخط العقلي وأصناف الهوس الفكري الذي يلحق بالرجل المريض المأفون العقل فإن طلب الشهرة وحب الإعلان عن النفس هما أبعث أسباب الهوس والحنون والحماقة والغباء لهزاهز الضحك وأشدها إثارة وتحريكا لبسمات السخرية والاستخفاف كما أنه مستجم أكثر الشرور ومستنقع أكثر البلايا وأنا لا أستطيع إلا أن أرثي لحالهم وأتوجع ويقض مضجعي ما حل بهم وإن العمال هنا يغنون على المحراث الأغاني القديمة التي شدت بها آبائهم والرعاة وهم جالسون على جوانب التلال يحفرون بأطراف سكاكينهم صورا صغيرة من جذور خشب البقس وربات المنازل يصنعون من العجين أرغفة في شكل حمائم وقماري وهذه فنون بريئة لا عيب فيها ولا تتخللها سموم الكبرياء ولا ميكروبات الصرف وهي سهلة هينة وملائمة للضعف البشري وعل نقيضها فنون المدن فإنها تستدعي مجهودا وكل مجهود ينتهي بالألم.

ولكن الذي يلم إخواننا البشر ويحزنهم ويشوههم ويقبحهم هو العلم الذي يوجد لهم علاقات وروابط بأشياء لا تتناسب مع قوتهم وهو يفسد كل شرائط الاتصال الحقيقي للإنسان بالطبيعة وهو يستفزهم إلى الفهم بينما من الجلي الظاهر الغني عن البرهان أن الحيوان خلق ليشعر لا ليفهم والعلم ينمي الذهن - ذلك العضو العديم الفائدة - على نفقة الأعضاء الأخرى التي يشترك فيها مع الحيوانات وهو يقصينا عن التمتع بلذاذات الحياة ويمنعنا من