للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هب العروسين كان يحب كلاهما صاحبه أصدق حب وأطهره، أفذلك ضمين بأن لا يتغير هذا الحب ما عاش المحبان؟؟

قد يقول لك الشعراء: إذا فتر الحب فما هو بالحب الصادق؟؟

فلنسألهم إذن أن يفرقوا لنا بين صادق الحب وكاذبه! وكيف يعلم العاشقان في هيام الحب وحرارة الوجد إن كان حبهما باقياً مع الحياة أو كان خباً موقوتاً لا يلبث أن يتطرق إليه الفتور اليوم أو غداً.

أتراهم يرغبونهما في الزواج؟؟ فإن كان ذلك فقد يمل كلاهما صاحبه فماذا يصنعان؟؟ وكيف يتفقان؟؟

أم لعلهم ينصحونهما بالصبر حتى يثقا أن حبهما دائم حتى الممات؟؟ وذلك من أعسر الأمور عليهما. فإنهما لما كانا سوف لا يتحققان ذلك إلا بعدا، كان عليهما أن يصبرا إلى أن يوافيهما الأجل فيحق ساعتئذ لكل منهما أن يقول بقلب سليم لقد كان حبنا صادقاً وثيقاً، فلم يخمد إلا بخمود الحياة، وأنه ليحق لنا اليوم أن ندفن سوياً، فلا يخاف أحدنا تسرب السأم إلى قلب قرينه بعد الآن!!

ثم استطرد الكاتب إلى تحليل بديع لعاطفة الحب، فأبان أنه لا يستغرق كل أجزاء النفس مهما اشتدت فتنته. واتقدت لوعته. وأنه لا بد من زاوية منطوية في ثنايا النفس لا تزال بمعزل عن سائرها تجول فيها هواجس الأهواء وأسرار العواطف. والمرأة قد تعف في حبها وتفي لحبيبها ولكنها ما برحت وهي كذلك واحدة من جنس له طبيعته وشوقه إلى الجنس المقابل له. وقد يخلص الرجل لمعشوقته ويصدق في هواه ولكنه يبقي كيف كان الأمر واحداً من جنس له مثل تلك الطبيعة وذلك الشوق تلقاء الجنس الآخر. وكلاهما لا ينجيه تعلقه بفرد واحد من الانفعال بمؤثر الجنس كله.

والوفاء بلا حد ولا قيد ليس من طبائع النفس. ولا هو من مألوفاتها وإنما يصبو المرء إلى الاستيلاء على قلب الحبيب بلا شريك. فيود أن يملأه وحده. وليس شيء أرضى لأثرتنا وأكمل لشخصيتنا من أن نشاهد صورتنا مرتسمة في مرآة نفس أخرى. ونأنس من شخص آخر تمكننا من مجامع أهوائه. واستحواذنا على مناط أمياله. فذلك الذي يجعلنا نرتقب الوفاء المطلق ممن نحب ونهوى. وقد يغار المرء حيث لا يحب لأنه لا يرتاح إلى تقدم