للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تكن كالذين يقضون أعمارهم ويبذلون نفوسهم ويريقون أمواه وجوههم في جمع الثروة فإن هؤلاء كالخنازير لا يرفعون خياشيمهم من الوحل.

إذا لهوت فلا تتماد في لهوك فإن التمادي في اللهو والإفراط في السرور يذهبان بالخير من الحياة.

إذا أردت أن تصيب غرضاً فكن كأحذق الرماة تصويباً أنعم النظر في هدفك قبل توتير قوسك فإذا وطدت نفسك ووترت قوسك أطلق سهمك. واعلم أن ربان السفينة لا يبلغ المرفأ الأمين إلا إذا ساير الريح.

إذا اصطفاك الملك واصطحبك واستعان بك فلا تغتر بما لك عليه من الدالة فتلهيه عما يهمه بأن تسمعه مالا يحب أو تنبئه بما يكره فإنه إن وسعك حلمه مرة لا يسعك أخرى وهيهات أن يؤمن شر من إذا قال فعل. أعلم أن رفعتك لا تكون بعلو نفسك ولا تعلو إلا النفس التي اختارها الله والله لا يختار إلا نفساً تحب أعداءها كما تحب أصدقاءها وتبغض الشر لذاته وتعمل الخير حباً فيه لا جلباً لنفع تريده.

إذا وكل إليك تهذب صبي من أبناء الأشراف والأمراء فلا تخش بأس أهله في تقويم خلقه وإصلاح حاله فإنك إن قمت بعملك كما توحي إليك نفسك وذموك في الحال أثنوا عليك في المآل وكان نصحك كالدواء يسوء استعماله ويحسن مآله. أوصيك بتهذيب الصغير بحيث يستطيع مجالسة الكبراء فإن في هذا من الفضائل مالا يحصي وإذا وفقت إلى القيام بعملك وقدر أهل الصبي حسن فعلك أغدقوا عليك نعمهم ورفعوك إلى مراتبهم وقد تعلوهم وتفوقهم بعد أن تصير مربيهم وأستاذهم.

إذا كنت من رجال الدين ووكل إليك أمر الفصل في مشكلة عويصة بين الملك والرعية فاحكم بالقسطاس وكن عدلاً ولا تظلم الشعب لتصانع الملك لئلا توصم بوصمة الأشراف وهي أنهم ينصرون القريب والصديق ولو كان على ضلال مبين ويخذلون العدو الغريب ولو كان على حق وهدي بل كن يا ولدي مع الحق والعدل أينما كانا يكن الله والخير معك. إن أساءك من أحسنت إليه فاعف عنه واجتنب عشرته فإن كان حراً فالعفو قتل له وإن كان وغداً ففي هجرك إياه منجاة لك من شره.

إذا عظم قدرك بعد حقارة شأنك واستغنيت بعد فقرك فلا تقصر خيرك على نفسك إنما أنت