للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا كان يحب نفسه! إنما مثله مثل من يأتيك وقد فجعتك المنون في واحدك فأنت من شدة الحزن ملجم اللسان جامد العين فيقيم لك احتفالاً بشعائر الحداد مؤلفاً من ألعاب قدماء اليونان على هيأة يونانية قديمة. فمثل هذا الفضول والزور والتصنع جدير بالمقت والإنكار. وهو عين ما كانت تسميه الأنبياء وثنية - أي عبادة القوالب الفارغة والصور الجوفاء - تلك الذي يرفضها وسوف يرفضها كل مخلص صادق. وكذلك يمكنكم أن تفهموا بعض الفهم أغراض أولئك الخوارج ومقاصدهم. فترون في الرئيس لود ودأبه في تأييد الكاثوليكية وحواشيها من تلك الرسميات والإشارات والانحناءات والشعائر - ناظر المدرسة المصر على تنفينه قواعده ونظاماته لا القسيس الحر المخلص المعنى بجوهر الدين صافحاً عن القوالب والقشور.

ولم يطق الخوارج هذه الرسوم فداسوها بالنعال وإنّا لنعذرهم إذ جعلوا يقولون لا رسم مطلقاً خير من هذه الرسوم. وقد جعل خطباؤهم يمتطون صهوات المنابر عارية مقفرة إلا من الإنجيل يحملونه في الأيدي. وهل ترون في الكلمة تخرج من صميم فؤاد الرجل فتصيب حبات القلوب إلا أكمل مظاهر الدين وأجل صور العبادة. وعندي أن أخشن الحقيقة وأعراها خير من أنعم الرسوم وأثراها. هذا ون الحقيقة متى وجدت فهي الكفيلة لنفسها باللباس والكسوة. ومتى وجد الإنسان الحي كان كفيلاً لنفسه بالملابس - إذا لم يصبها لدى الغير أخذها بيده من موارد الأرض وصنعها بكفه. فأما أتجيء بالثوب وحده فتدعي أنه ثوب ورجل -! - نحن أعزكم الله لا يمكننا أن نحارب فرنسا بجيش مؤلف من ثلاثمائة ألف ثوب أحمر. ولا نجرأ على تقديم هذه الثياب إلى ساحة الحرب إلا إذا كان فيها ثلاثمائة ألف رجل حي يتنفس! وأني لا أزال أقول أنه لا ينبغي للثوب أن ينفصل عن الجوهر. ولا للرسم أن يطلق الحقيقة ويبين منها. وإذا فعلت الرسوم ذلك قام لها أناس فثاروا ضدها على أنها أكذوبة وزور. وكذلك ترون أن حرب الخوارج والرئيس لود لم تك في الحقيقة إلا حرب الثوب والجوهر - حرب الرسم والحقيقة - حرب الباطل والحق - حرباً ضروساً ثارت في انكلترا حينذاك واستمرت حقبة من الدهر وعادت علينا عواقبها بالنفع الجم والخير الكثير. وكان الجيل الذي أعقب عصر الخوارج ليس بخليق أن يزن أعمالهم بقسطاس العدل. وكيف نرجو من مثل تشارلس الثاني ورجاله أن يعرفوا أقدار