للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يظلع وسط سرب من الفتيات كن قبل ذلك به مولعات. وفيه هائمات.

ولست ناسياً ذكر شأني وشأن ذي الوجه الطويل فإن ذلك الرفيق ما كاد يأخذ وجهي القصير حتى أضحى فيه أعجوبة الأعاجيب فاستلقيت ضاحكاً من وجهي حتى أخجلت وجهي وأدرك الرجل المسكين خطيئته. وعرف غلطته. فخجل واستحي. غير أنى ما لبثت أن فئت إلى نفسي فعلمت أنه ليس لي أن أزهي وأختال وأسخر من الغير وأنا سخرة وأضحك منهم وأنا ضحكة وإن لى في غرابة هيئتى لشغلاً عن اللهو بهيئات الناس ومندوحة وذلك أيها القارئ أنى رفعت يدي أريد في وجهي أريد إحدى عيني صكت يدي أنفى لبروزه وضخامته مراراً.

ثم نظرت ناحية منى فأبصرت رجلين في مثل حالنا من السخرية قد أحدثا تبادلاً فى زوجين من الأرجل زوج غليظ أعوج قصير. وزوج طويل نحيل. فكان صاحب الرجلين النحيلتين كأنما قد رفع في الهواء على عمودي بيت فهامته تدور مع الريح حيثما دارت وأما صاحب الرجلين العوجاوين القصيرتين فكلما حاول السير دار في مكانه لا يبرحه. ولما رأيت على محياه سيما الحلم والظرف والفكاهة أقبلت عليه أمازحه فقلت له سأجعل لك كذا وكذا إن استطعت أن تبلغ هذا ورسمت له خطاً على مسافة ذراعين مرسى قدميه في مدة نصف ساعة.

وأخيراً تم توزيع كثيب المحن والآفات على أهلها من ذكر وأنثي. وأقبلوا جميعاً تحت أثقالها الجديدة رزحاً حسرى. ولها حيرى. وقد ملؤا السهل والحزن ضجة وأنيناً ورنة وحنيناً. ثم أدركتهم رحمة الله فأمرهم بطرح أثقالهم كرة أخرى فألقوها فرحين بإلقائها مسرورين. وأمر الوهم تلك الشيطانة التي غررت بهم وضللتهم أن تنصرف فانصرفت وأرسل الإله بدلها ملكاً كريماً جد مخالف لها هيئة وشكلاً. مباين لها خلقاً وخلقاً. رزين الحركة ثابت الحال قد جمع في هيئته بين الطلاقة والجد والوقار والبشر لا ينفك من حين إلى آخر يرفع نحو السماء طرفه ويسمو إلى عرش الإله بأمله واسم هذا الملك الصبر. وأعجب ما رأيت أن هذا الملك ما قام بجانب جبل الآلام إلا وأخذ الجبل يهبط ويضؤل حتى لم يبق منه أكثر من ريعه ثم أعاد ملك الصبر إلى كل حظه الأول وألهمه الصبر الجميل وأشعر قلبه قوة الجلد ونور اليقين فراح مغتبطاً سعيداً يحمد الله على كل ما أعطاه.