للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلام على كرامته. مثال ذلك أن تذكر في سياق حديث لك كلمة (معناها بالعربية سقوط القدر أو الخسة) فتحمل النكتة أحد الجلوس على أن يعترض تيار جدك يقول لك كل ما قلته في هذا الغرض هو (معناه هذيان محض) ماذا أصنع مع ذلك الوحش؟ إني لأود أن ألقيه في أعماق السجون لأنه بلية وآفة ولكني لا أقدر. لقد أعدمت كرامتي بتحدثي إليه فمن لي بأن أعدمه!

مثل قالة النكت كمثل أشرار الصبية الذين يلقون الحجارة على قضبان السكك الحديدية يأتونها ملهاة لهم ولأندادهم وربما كانت متلفة للجم العديد من مصالح العباد وأرواحهم بقلبها القطار أعلى لأسفل وكذلك قائل النكتة لا يخجل أن يقلب قطار الحديث من أجل نكتة يلهو بها.

إني لأعلم في الناس من يضن على الاستماع أثناء الحديث بنخبة أفكاره اعتقاداً أنها أغلى قيمة وأعلى من أن تبذل في المحاورات والمحادثات. ولقد كان أحد الفصحاء ينثر الدر منذ أيام في بعض المجالس

يطلق الحكمة البليغة في عرض حديث كالجوهر المنثور

فدنا منه بعض الجلوس وقال له - أتدرى ماذا قال له؟ قال: عجباً لك أنك لتضيع مقداراً جماً من بضاعة رائجة وتطرح على أديم الأرض ما يقدر ثمنه بعشرة جنيهات في كل ساعة فإذا استمررت على هذه الحال خمس ساعات بلغت خسارتك خمسين جنيهاً أفتدري ماذا كان جواب الرجل الفصيح على ذلك.

كان جوابه أنه أخذ الرجل إلى نافذة المكان وسأله أن يشرف ثم قال له ماذا تبصر؟ قال الرجل لا أبصر إلا طريقاً ترباً يسوق فيه أحد الناس آلة رشاشة. قال الفصيح لم لا تنه الرجل عن صب الماء فتقول له أنه يضيعه سدي؟ إلى أية حال من اليبس وقلة الرطوبة وكثرة التراب يصير سبيل الحياة إذا نحن لم نسحب فوقها رشاشات أفكارنا مفتوحة الثقوب أحياناً؟ هذا ولذلك النوع من الحديث فائدة أخرى قد سهوت عنها وعي أن ذلك الحديث يصب أفكارنا في أحكم قوالبها وأبدع أشكالها. فترى أمواج الحديث لا تزال بالأفكار تدحرجها وتقلبها حتى تتركها مدورة مصقولة كما تفعل أمواج البحر بالذي على سواحله من الحصي. وكذلك أصوغ أفكاري بالحديث والمحاورة كما يجرب النحاس تمثاله في الطين