للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تقول هذا وتجل إلى مائدتك وقد تكون مريضاً فتتغلب على مرضك وقد تكون نصباً فتقوى على نصبك.

وقد تشتاق الهواء النقي في الحدائق النضرة التي تطل عليها. ومركبتك على بابك فتلبث.

وقد تسمع طرفاً من أحاديث المارة المتنادمين وتود لو متعت بساعات تقضيها في معاشرة أخوان من الظرفاء فلا تنشط لذلك اللهو الطاهر وإن تكن في حاجة إليه بل تمكث يد تقلب الكتب وقلم يصر ولفيفة مشعلة وجبين تكاد غضونه تتحاك من التفكير إلى أن يؤدي فرض النهار.

ما أصحك وأنت في تلك العلة، ما أقولك وأنت في ذلك الضعف ما أملأك للمدينة بل للبلدة وأنت في تلك الخلوة ما أصفى مجدك من كل شائبة حين يخرج من ذلك السأم ما أطهر سمعتك وأبعدها عن الريب حين تصدر عنه ذلك السكوت مجوهرة بمصقل ذلك التعب.

يجيئنا كتابك تلو الكتاب فيقول أهل القانون هذا خير ما كتب فيه تفسيراً لغوامضه وحلاً لمعضلاته.

ويقول السهار على أخلاق الأمة وتحولها الحادث هذا خير ما تعلم منه الجماعة قدرها وتتبين منه طيبها فتحتفظ به أو خبيثها فتقلع عنه آخذة عنه ما حسن عند غيرها تاركة بين يديه ما ساء من أمور سواها ويقول أهل التاريخ هذا سرد مضبوط وهذه مطالعات مثمرة وهذه نتائج ليست بملقاة الحبال على الغوارب وليست بعقيمة ويقول أهل الأدب هذا بيان صاف وكلام عربي تنسجم له آية ينفرد بها وهي أن كل كلمة فيه موضع ولا شيء في خلاله من كذب السراب الملمع.

أيها الأستاذ

هكذا تعي الحياة الفانية مدي الأدهار الطوال بآثارها الباقيات. . أنه إن لم يكن لك غير هذا ليجل تدرك ويعلو شأنك بين قومك فحسبك هذا.

ولكن لك ما عدده الخطباء وما أخفاه على الناس اتضاعك فلست بمحصيه ولست بمستقصيه لكنني أقول للأمة المصرية الكريمة بل لأمم الشرق كافة من على هذا المنبر أن اليوم الذي يعز الوقت فيه على كل فرد في طبقته ورتبته ومهنته كما عز عليك فلا يبدده تبديد السفه بل يصرفه تصريف الحكيم العاقل لأنفس ما بين يديه فذلك اليوم هو مبدأ عهد الفتح للشرق