للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويمحو تأثير الأرواح على الثلوج مواقع أقدامنا. وكان هناك بعد درجة ٨٧ منطقة متسعة الأرجاء مترامية يبلغ محيطها سبعة وخمسين ميلاً وكنت مضطرب النفس أخشى أن لا نستطيع اجتيازها.

ومضت اثنا عشرة ساعة والريح تزف زفيفاً شديداً وتهب هبوباً عنيفاً من كل مكان مذيبة هناك بحراً يجتاز.

فتنهدت من أعماق نفسي تنهدة الخلاص بعد تلك الدرجة.

ووجدنا في كل مكان آثار المرابط التي كنا نقف بها ورأينا معالم المواقع التي كنا ننزل عندها لم تمح ولم تمس.

أما الزاد فكان لدينا وفراً يكفي رجالنا وكلابنا وكنا ننطلق كأنما كنا في حلبة السباق. ولا أنسى تأثير ما كان يخالج أرواحنا من نشاط وهدوء.

وجملة القول كان كل شيء في جانبنا وكنا نتسلل وراء بعضنا مسرعين مولين في خلال خمسة الأميال الأولى من سياحة عودتنا.

ووصلنا بعدها إلى صدع هناك ضيق امتلأ ثلجاً حديثاً ورأيناها فرصة سانحة نستطيع فيها أن نسبر غور تلك الثلوج ولم نكن فعلنا ذلك من قبل في القطب لكثافة الجليد المتراكم.

أما في ذلك المكان فقد سهل علينا أن نحفر حتى الماء.

وأرسلنا في ذلك الصدع حبالنا فغابت في الجليد نحواً من مترين وثلاثة أرباع متر دون أن نجد القاع.

فلما كان خدمنا وهم من (الاسكيمو) يشدون تلك الحبال انكسرت منهم فهوت إلى القاع بخيطها ورصاصها فتركناها ومضينا في سبيلنا فوصلنا المخيم الأول مبكرين.

وحل يوم الجمعة (٩ ابريل) فكان يوماً عبوساً قمطريراً أذهبت من الشمال الشرقي ريح عصيبة استحالت عاصفة وإن كان ميزان الحرارة يتراوح بين درجتي ١٨ و ٢٠.

ولحسن الحظ كنا نمشي قبل هبوب الريح إذ يستحيل علينا أن نسير ضد تلك العاصفة الهائجة.

ومهما كنا نفعل فإن العاصفة كانت تسوق كلابنا سوقاً وتدفعها إلى العدو دفعاً مستمراً.

ولاحظنا أن الثلوج تسير معنا إلى الجنوب وقد ساعدنا ذلك على زيادة سرعتنا. ولم نر