للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصبو إلى سواك، وأنا فأقول لك، إذا علمت أنه كان لها عشاق كُثر فماذا يهمك إذا كان ذلك أمس أو قبل هذا العهد بعامين، بل ماذا يهمك أن تعلم أنها في غد أو بعد غد أو بعد أحوال، نازعة إلى أصحاب أغرار، وإذا كانت اليوم تهواك غير منهومة العين بالهوى، فماذا يهمك أن تعرض عنك بعد ليلة أو بعد سنين.

ألست رجلاً، ألا ترى أوراق الشجر تسقط عن غصونه، والغثاء يفترق عن أفنانه، ألا ترى الشمس تشرق ثم تغرب وتطلع على الناس بوضحها فتزاور إلى طَفَلها، ألا تسمع صوت ساعة الحياة الراحلة في كل دقة من دقات قلبك، إذن فهل ترى ثمة من فرق بين حب يأفل في ساعة وحب يدور دورته في عام.

إنك تصف بالوفاء المرأة التي تصدق عامين في حبك، كأن لديك (تقويماً) أعددته لتحديد الوقت الذي تجف فيه قبلات الرجال من ثغور النساء، وتزول فيه لثمات الفتيان من شفاه الحسان، أنت لا تفرق بين المرأة التي تهب نفسها من أجل المال، وتلك التي تهبها من أجل الشهوة والإلتذاذ، وبين تلك التي تهبها من أجل العزة والإعتزاز، وتلك التي تهب الروح من أجل الحب المُصَرّد والتضحية الخالصة، وإن من بين النساء اللائي اشتريت، من دفعت إليهن ثمناً أغلى من أترابهن، ومن اللاتي التمست في هواهن لذة حواسك، وطلبت في عشقهن مسرة مشاعرك، من خلصت إليهن، وسكنت أكثر من سكونك لغيرهن، وكذلك ظهرت للواتي تعشقت لأجل الترف وروعة المظهر، في أبهة وحسن مقتبل ما ظهرت بهما لدى أية امرأة أخرى، وفي العشيقات اللاتي صادقت وأحببت من وهبتها ثلث قلبك، وأخرى ربعه وثالثة ألزمتها النصف من فؤادك، وذلك على قدر أنصبتهن من الأدب والأخلاق والأسامي والمولد والجمال والسجية وتبعاً لظروف الأحوال والساعة التي أنت فيها والشراب الذي أنت معاقر والمشمولة التي أنت حاسيها.

أي أوكتاف، أنت لدى النساء العزيز المحبب والعشيق المرحب، لأنك ما تزال بعد الفتى الشاب والغيساني الصب، وأنت ذو الكبد الحَرَّى والقلب الخفاق. لك الوجه المستدير والصفحة المشرقة الجميلة، والشعر المنظم المهذب، ولكنك يا صاحبي لا تعلم ما المرأة؟

إن الطبيعة قبل كل شيء تريد من المخلوقات نتاجها ذلك لأن الحياة الدنيا تخاف الموت في كل مكان من قلال شم الجبال إلى قيعان الأوقيانوس، ولكي يحفظ الله ما أبدع ويخلد ما