للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مكان. ولا فراغ ولا سكون مطلقاً. ثم أراك تسأل عن ذراتك المضطربة لم لا تتجمع فتصبح أجساماً حية ذاتية الحركة: وأراني أسأل عن تراب النجوم لم لا يتجمع فينمو فينتظم حتى يصير عوالم مأهولة ودنامعمورة. والناس يروعهم بعد أن يسمعوا بتكون العوالم من غيوم النجوم (تراب النجوم) وليس يروعهم أن يروا العوالم المائية (كرات الماء: يريد بذلك قطرات المطر) تكوّن أنفسها بأنفسها من الغيوم السارية فوق أرؤسنا. ولكن إذا استطاعت العوالم أن تتألف من تلقاء ذاتها كهيئة تألف القطرات من المطر، إذن لتفاقم الأمر. واستفحل الشر.

وكانت الفتاة جالسة معنا على المائدة، وقد راعها هذا القول المستقل والرأي الحرّ، فارتسم على وجهها أوضح آيات الإندهاش والخوف. وما أحسن وجود العنصر الأناني في مثل هذه الحفلات والمجالس. والنساء أتقى من الرجال وأورع، وأقوى إيماناً وأرسخ عقيدة. ولست بقائل لك ما يقوله ذوو البت في المستقبل من أنه إذا استقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار فسيكون ربع سكان الخلود ذكوراً والثلاثة أرباع أناثاً. والسبب في فضل إيمان النساء وزيادة تقواهن أنهن أحوج من الرجال إلى أيمان يعضدهن، واعتقاد يؤيدهن. لأنهن شديدات الاحتجاز، لا تدعوهن إلى الخروج من أنفسهن تلك الدواعي التي تدعو الرجال إلى ذلك. وهن لما جبلن عليه من التوكل والاعتماد أسرع إلى الأيمان الذي إنما هو الثقة والتوكل والاعتماد على الغير. وخلق الاستقلال الفكري قد يخرج من النفس الرائع الحسن من كوامن الفضائل، غير أنه لا يبعث على الورع والتقى.

فلما كان بعد يومين من انفضاض هذا المجلس جاءني البريد بالرسالة الأتية من الفتاة

سيدي. وددت لو تعرف أني لست من قبيل أولئك النسوة الهيابات اللائي يذعرهن الخوض في المسائل الدينية والمباحث العلمية كالتي طرحتها على بساط المناقشة ذياك الصباح ونحن على المائدة. وما زلت اقرأ أمثال هذه الأبحاث تارة في الكتب وآونة في الجرائد فلا أرجف ولا أرتعد. وقد كنت أسمع أيام طفولتي أن الشعرة توضع في الماء فتصير بعد يومين ثعباناً فلا يهولني ذلك، لأني أرى البيضة تتحول فرخاً فلا أنزعج ولا أهال. وإنما أقول صنع قادر جل الخالق وتعالى شأنه. وكذلك أقول إذا أبصرت في أنبوبة الكيماوي حيوانات صغاراً، أو ما يخيل إلىّ حيوانات صغاراً. وما أراك تحسب أني أطوي أنجيلي،