للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تخشى من إيراد المسائل الدينية في عرض الحديث الاعتيادي؟ فقال الأستاذ أخشى على م؟ فأجاب صاحبه على الحق قال الأستاذ ما كنت أحسب أن الوهن والمرض قد بلغا بالحق هذا المبلغ. متى كان الحق من شدة الضعف بحيث لا يستطيع الخروج إلى الناس إلا متلففاً في كسائه مختفياً في جوف مركبته خشية مس الهواء والشمس. دعني أضرب لك في هذا الصدد مثلاً يسر الصغار ولا يضر الكبار.

يحكى أن صبياً كان له طيارة مملوءة غازاً ولها حبل يعقد طرفه بكفه خشية أن تندّ في الفضاء فتضيع، وكان للغلام أخ خبيث فأتاه ذات يوم فقال له أي أخيّ أنزل طيارتك أرها، فجذبها الغلام وكان في يد الأخ الخبيث إبرة فشك بها الطيارة فخرج من جوفها الهواء فتقلصت فإذا كل ما هنالك جلدة متقبضة.

فلما كان ذات مساء وأبو الغلام واقف لدى النافذة نادى ابنه لينظر القمر ففعل فسرّه الكوكب المتألق غير أنه ما لبث أن قال أبي. لا تجذب الحبل فيهبط القمر لأني أخشى عليه أخي الخبيث أن يخرقه فيتقلص ويذهب فلا نراه أبداً.

عند ذلك ضحك أبوه وأخبره أن القمر ما برح مشرقاً على الدنيا منذ أقدم العصور وأنه سيبقى كذلك أمداً طويلاً. وأم كلّ ما علينا هو أن ننظف زجاج نوافذنا فلا ندع التراب يتراكم عليها، وأن نبقي أعيننا مفتوحة ولكنا لا نستطيع أن نجذب إلينا القمر فنشكه فنخرقه. ولتعلمنّ كذلك أن القمر ليس ملكاً خاصاً بفرد من الأفراد وإنما متاع مشاع ينعم برؤيته كل من شاء.

الحق صلب يابس ليس كالفقاعة يفقؤها اللمس. ولكنه كالكرة تركلها طول النهار بقدميك فلا تجدها لدى المساء إلا متينة منتفخة. وما أحسن قول المستر برينت حيث يقول. الحق متين لو مر فوقه قطار البخار ما ضرّه. والباطل سقيم يميته أدنى الخدش. وما أن رأيت ولا سمعت برياضيّ راح قلقاً على نظرية من نظرياته أن يبطلها مبطل أو يدحض برهانها داحض. ورأي أن خوفك المناقشة دليل قاطع على وهن اعتقادك.