للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نابغة بين شيبان يصف الجامع الأموي]

عبد الله بن المخارف المعرف بنابغة بني شيبان شاعر بدوي من شعراء الدولة الأموية كان يفد على خلفاء بني أمية بدمشق ويمدحهم فيجزلون عطاءه، مدح عبد الملك بن مروان وأولاده من بعده وله في الولد بن عبد الملك مدائح كثيرة منها قصيدة ينوه فيها ببناء الوليد لمسجد بني أمية بدمشق بعد أن كان معبداً مشتركاً بين المسلمين والنصارى ويصفح وصفاً بديعاً يصور روائع الفن التي كانت ماثلة فيه وما بذله الوليد في سبيل تشييده. وللقصيدة قيمة تاريخية - عدا مالها من قيمة فنية - لأنها أول قصيدة قيلت في وصف الجامع الأموي وإليك الأبيات التي تناول فيها وصف الجامع:

تدعو النصارى لنا بالنصر ضاحية ... والله يعلم ما تخفي الشاسيف

قلعت بيعتهم عن جوف مسجدنا ... فصخرها عن جديد الأرض منسوف

كانت إذا قام أهل الدين فابتهلوا ... باتت تجاوبنا فيها الأساقيف

أصوات عجم إذا قاموا بقربتهم ... كما تصوت في الصبح الخطاطيف

فاليوم فيه صلاة الحق ظاهرة ... وصادق من كتاب الله معروف

فيه الزبرجد والياقوت مؤتلق ... والكلس والذهب العقيان مرصوف

ترى تهاويله من نحو قبلتنا ... يلوح فيها من الألوان تفويف

يكاد يعشي بصير القوم زبرجه ... حتى كأن سواد العين مطروف

وفضة تعجب الرائين بهجتها ... كريمها فوق أعلاهن معطوف

وقبة لا تكاد الطير تبلغها ... أعلى محاريبها بالساج مسقوف

لها مصابيح فيها الزيت من ذهب ... يضيء من نورها لبنان والسيف

فكل أقباله والله زينة ... مبطن برخام الشام محفوف

في سرة الأرض مسدود جوانبه ... وقد أحاط به الأنهار والريف

فيه المثاني وآيات مفصلة ... فيهن من ربنا وعد وتخويف

<<  <  ج: ص:  >  >>