للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ستغفو عيون بعد ذا ملء جفنها ... فلا تجرأ الأمراض أن تتهددا

وما الفضل إلا للأطباء إنهم ... لقد أوقعوا بالداء حتى تبددا

خبيرين من أجسام من يفحصونه ... بما كان مخفيا وما كان قد بدا

أولئك لاحوا للحضارة أنجما ... ففي كل جو أنت تبصر فرقدا

تحاول أن تنكي الطبيعة جهدها ... كأن لها فيما تحاول مقصدا

وكانت قديما تنفذ الحكم مطلقا ... ولكنما جاء الطبيب فقيدا

فخفف ما يشكو المريض من الأذى ... وأخر آجالا قربن وبعدا

وما زال يبلي الطب عند صدامه ... بجيش من المكروب مجر تحشدا

وكم أسعفوا من سلة الداء ناشبا ... وكم أنقذوا من كاد يلحقه الردى

وكم تعبوا يبغون تخفيف ما به ... فما ذهبت أتعابهم هذه سدى

قد ابتسمت بغداد بعد عبوسها ... كما ابيض ليل بعد أن كان اسودا

وهذا لعمر الحق صبح مكذب ... لمن ظن ليل الناس في الشرق سرمدا

نزا بلبل يشدو فغنيت مثله ... وهل كنت ترجو أن يثورا وأجمدا

ولا فرق بين العندليب وشاعر ... تفخر يشدو للسرور كما شدا

كلانا نشأنا في خميلة روضة ... زهت وشربنا من أزاهيرها الندى

لدى جنة أشجارها قد توا شجت ... كما خاصرت غيداء للرقص أغيدا

ألست ترى روض الأماني مورقا ... يمد ظلالا بعد أن كان اجردا

زرعنا فجاء الزرع ريان ناضرا ... وسوف تراه قد أجم فاحصدا

تجدد هذا الدهر فانعم بخيره ... ومن حسنات الدهر أن يتجددا

بغداد:

جميل صدقي الزهاوي

<<  <  ج: ص:  >  >>