للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جامعاً لما تقدم من التواريخ، ثم أطلعني منه على الترجمة الخاصة بالشيخ محي الدين التي رقمتها في تفصيل أحواله فقرأتها بلفظي وهو يسمعها والحاضرون من أولها إلى آخرها ولقد أحسن فيها وأجاد، قال ثم عدنا من محله بعد زيارته لمحلنا النازلين به وهو منتزه سرت به منا القلوب وقرت النواظر وطابت النفوس وانشرحت الخواطر فأن الصالحية الذكورة جمعت محاسن دمشق: فيها قصور شامخات ومجالس عاليات وشهرتها تعني عن تفصيل أحوالها والمحال المشار إليه المسمى بالباسطية وهو من قديم عماراتها ونظم جواهرها وتبسم حياتها، يشتمل على إيوان جامع للمحاسن وعلى بحرة ماء تذكر سبيل الجنان، فلذلك ماؤها غير آنس، وقد حققت عند حصول البسط بها أن لكل شيء من أسمه نصبياً والى هذا يشير قول بعضهم:

وكلما أبصرت عيناك ذا لقب ... ألا ومعناه إن فكرت في لقبه

ولاحت مني التفاتة إلى بعض جهات الإيوان فرأيت مرقوماً على ذلك الجدار أبياتا كبيرة من الشعر منها ما هو منسوب للسيد محمد الحسيني القاضي بدمشق لما قال بالمحل الذكور سنة ١٠١٨ ما لفظه:

ولله يوم البسط إذ تم انسنا ... بأحبابنا في باسطية شام

بسطنا بساط الأنس من وصل مية ... وأسكرنا في بدون مدام

فكتب تحتها الشيخ حسن البور يني شارح الدبوان الفارضي سالكا ذلك المنهاج:

أنفحة مسك في الصباح عرفتها ... بعرف معان في رياض كلام

وردت به في صالحية جلق ... موارد أنس فيه كل مرام

لأدارك بسط الباسطة إنها ... لموطن إكرام وروض كرام

ورأى تحت هذه الأبيات قطعة من البحر والقافية للمولى عبد اللطيف المنقاري ومثلها للعلامة مصطفى بن محب الدين ولم يذكر لنا نسبته، وقد ذكرنا شيئاً من شعر الرحلة بيانا لطبقة الشعر في ذلك العصر وفيه صنعة وركة كثيرة ومتانة ورقة قليلة، ولو ظفرنا بالرحلة كاملة لاخترنا منها مايهم التاريخ والأدب والدماشقه الغرب منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>