للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذ ألبس الهيف من أغصانه حللا ... ولقن العجم من أطياره نتفا

وانظر إليه ترَ الأغصان مثمرة ... من نازع قرطا أو لابس شنفا

والماد يثني على أعطافها أزراً ... والريح تعقد في أطرافها شرفا

ويقول شاعر آخر في شيراز ما ينطبق على دمشق وبغداد، وبرلين ولينينغراد:

إن شيراز بلدة لا يكاد ال ... طرف يأتي - وان تناهى - عليها

ليس تدري سكانها أسرور ال ... نفس يأتي من خلفها أم يديها

لو رآها امرؤ وأدخل عدنا=سأل الله أن يرد إليها

وبما أن في دمشق ودمشقنا هذه الفيحاء مهوى أفئدة الشعراء، وفيهم من يقول فيها:

الشام شامة وجنة الدنيا كما ... إنسان مقلتها الغضيضة جلق

وبما أن المتقدمين كانوا يعدون نزه الدنيا وجناتها أربعا وهي: غوطة دمشق ونهر الأبلة وصغد سمرقند وشعب بوان، ويضربون بكل منها المثل في الحسن والطيب وجمال المنظر، ويقول أبو بكر الخوارزمي: قد رأيتها كلها، فكانت غوطة دمشق أطيبها وأحسنها، ولم أميز بين رياضها المزخرفة بالأنوار والأزهار وغدرانها المغمورة بطيور الماء التي هي أحسن من الدراريج والطواويس، لذلك كله وبعد أن سمعنا ما قيل في وصف شعب بوان، المعدود من نزه الدنيا الأربع، وما سمعناه في مدينة شيراز المجاورة تغزل شعرائنا بالفيحاء، كقول ابن حمدان التغلبي فيها، ولولا ذكر أسمها في آخر مدينة ذات أشجار تجري من الأنهار:

جمعت مآرب كل ذي أرب ... فيها ونخبة كل منتخب

فهواؤها تحيا النفوس به ... وترابها كالمسك في الترب

تجري بها الأمواه فوق حصى ... كرضاب ثغر بارد شنب

من كل عين كالمرأة صفا ... أو جدول كمهند القضب

يشتق أخضر كالمساء له ... زهر كمثل الأنجم الشهب

هذا ومن شجر تعطفه ... يحكي الغطاف الجرد العرب

في فتية فطنوا لدهرهم ... فتناولوا اللذات عن كثب

ماشئت من جود ومن كرم ... فيهم ومن ظرف ومن أدب

<<  <  ج: ص:  >  >>