للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتشريع. فقد ظهر أثر الزمان في المبادئ التي أقرها القرن التاسع عشر فإذا بها تنهار كما ينهار البناء القائم على أساس غير مكين. لم يبق في هذا العالم المنظور مجال لشيء غير منظور وحيثما اختلف الاستنتاج العقلي أو المنطق عن التجربة والواقع أهمل الناس الاستنتاج وتعلقوا بالتجربة والواقع. هذا جزء من كل يشير لعمق البحث وتشعبه لمعالجة هذه الأزمة الخطيرة.

أمران خرجا سالمين من المعركة العلم والديمقراطية، والأميركيون يريدونه معالجة أزمتهم دون أن يخرجوا عن الإطار الديمقراطي الذي عاشوا فيه وهذا أمر هام إذ يحدث في الوقت الذي تعلن فيه أوروبا فشل الديمقراطية وفسادها كأساس للحكم حتى أن الإيمان بها أخذ يتضعضع في انكلترا ذاتها مهد الديمقراطية وحارستها. إن تعلق أميركا بالديمقراطية هو ما يحملها على البحث لإيجاد الطريقة الثالثة لأن الفاشستية والشيوعية ثورة على الديمقراطية ونقض لأحكامها. وقد تعددت الاقتراحات وتناوبت أهميتها صعوداً وهبوطاً ولكن الآراء لم تتفق على هذه الطريقة الثالثة فهي لا تزال سراً في صدر المستقبل. أهي (العهد الجديد) الذي ينفذه الرئيس الحالي روزقلت أم هي التكنوكراسيا كما اقترح كبار المهندسين أم هي رأسمالية الدولة؟ الكلمة في ذلك للغد. أما ما يعرفه الناس عن الطريقة الثالثة فهو أنها لن تكون الرأسمالية الطليقة - القائمة على الربح والتنافس إذ ظهر فسادها وضررها وأنها ستكون قائمة على أسس علمية صح٠يحة تساعد على الاستفادة لأقصى حد ممكن من اختبار العلم ونتائجه والصناعة الحديثة فلا يكون هنالك مجال للخطة التي ترمي لتحيد الإنتاج الزراعي والصناعي بتحديد مساحة الأراضي التي تزرع وعدم استعمال المكائن الحديثة لإيجاد ندرة في الأسواق تسبب رفع مستوى الأسعار. فالحياة الاقتصادية المقبلة ستقوم على أساس الكثرة في الإنتاج لا الندرة كما في الماضي والأمر المستعصي حله هو توزيع الثروة لا إنتاجها.

لماذا يتعصب الأميركيون للديمقراطية؟ ولماذا يرفضون الشيوعية والفاشستية؟

إن تعصب الأميركيين للديمقراطية قائم على شعور عميق بالتساوي بين الأفراد فكل أميركي يعتقد نفسه مساوٍ على الأقل لزميله أن لم يرجح عنه قليلاً. وهذا الشعور بالتساوي هو أول ما يصطدم به من يأتي لأميركا من بلاد غير ديمقراطية ولا يقف هذا التساوي عند

<<  <  ج: ص:  >  >>