للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحتجوا بأن حديث أبي هريرة متأخر على حديث عبادة، بدليل تأخر إسلام أبي هريرة عن بيعة العقبة، وهؤلاء جازمون بأن حديث عبادة وقع ليلة العقبة،

قبل الهجرة. (١)

مسألة: وقد اختلف العلماء في الجواب عن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -:

١ - فذهبت طائفة إلى تصحيح الحديث، واختلف هؤلاء في الجمع بينه وبين حديث عبادة:

فذهب بعضهم: إلى أنَّ حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ورد أولاً قبل أنْ يُعلمِ الله نبيه، ثم أعلمه بعد ذلك أنَّ الحدود كفارة.

وقد ذهب هؤلاء إلى أنَّ حديث عبادة - رضي الله عنه - كان بمكة ليلة العقبة لما بايع الأنصارُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - البيعة الأولى قبل الهجرة.

وأجابوا عن تأخر إسلام أبي هريرة - رضي الله عنه - بأنه لم يسمع هذا الحديث من النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة؛ وإنما سمعه من صحابي آخر. (٢)

وهذا رأي: ابن حزم (٣)، وابن بطال (٤)، والقاضي عياض (٥).

واعتُرِضَ: بأن أبا هريرة - رضي الله عنه - قد صرح بسماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبأن الحدود لم تكن نزلت قبل ذلك. (٦)

وذهب آخرون إلى أنَّ حديث عبادة - رضي الله عنه - متأخر على حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

ويرى هؤلاء أنَّ المبايعة التي في حديث عبادة - رضي الله عنه - إنما وقعت بعد فتح مكة، بعد نزول آية الممتحنة (٧).


= الحديث - كما صرح هو بنفسه - وأما الحافظ ابن حجر، والألباني: فإنما صححاه من أجل متابعة آدم بن أبي إياس، وقد تقدم أنَّ هذه المتابعة ضعيفة جداً، لا يصح اعتبارها، والله تعالى أعلم.
(١) انظر: فتح الباري، لابن حجر (١٢/ ٨٦).
(٢) انظر: المحلى، لابن حزم (١٢/ ١٤).
(٣) المحلى (١٢/ ١٤).
(٤) شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٨/ ٢٨١).
(٥) إكمال المعلم بفوائد مسلم، للقاضي عياض (٥/ ٥٥٠).
(٦) انظر: فتح الباري، لابن حجر (١/ ٨٤).
(٧) وهي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا =

<<  <   >  >>