للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حياته - صلى الله عليه وسلم -، بل هذا مما أراد الله تعالى به إعلاء منزلة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ أشد الناس بلاء هم الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل (١)،

وأخبر بأن الله إذا أحب عبداً أصاب منه (٢)، ونبينا - صلى الله عليه وسلم - هو حبيب الرحمن وخليله، وهذه المحبة والخلة تستدعي أن يُبتلى كما أخبر، وإذ الأمر كذلك فإنَّ ما أصيب به - صلى الله عليه وسلم - هو مما أراد الله تعالى به إكرامه وتكميل مراتب الفضل له.

ومما يدل على أنَّ المراد بـ"العصمة" في الآية العصمة من القتل فقط:

١ - قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للمرأة التي وضعت له السم: "مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَيَّ" (٣)، فهذا يدل على أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فهم من الآية أنَّ الله قد عصمه من القتل فقط.

٢ - ويدل عليه أيضاً أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تعرض لمحاولات قتل كثيرة، فعصمه الله تعالى كما وعده، ولم يستطع أحد أن يناله بشيء. (٤)


(١) عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ مِنْ النَّاسِ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ؛ فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلَابَةٌ زِيدَ فِي بَلَائِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ، وَمَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ لَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ".

أخرجه الإمام أحمد في مسنده (١/ ١٧٢)، حديث (١٤٨١)، والترمذي في سننه، في كتاب الزهد، حديث (٢٣٩٨)، وقال: "حسن صحيح"، وابن ماجة في سننه، في كتاب الفتن، حديث (٤٠٢٣)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (١/ ٢٣٠)، حديث (٩٩٢).
(٢) عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ".
أخرجه الترمذي في سننه، في كتاب الزهد، حديث (٢٣٩٦)، وابن ماجة في سننه، في كتاب الفتن، حديث (٤٠٣١). وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (٢/ ٤٢٤)، حديث (٢١١٠).
(٣) عن أنس - رضي الله عنه -: "أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ. قَالَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ. قَالَ: أَوْ قَالَ: عَلَيَّ. قَالَ: قَالُوا: أَلَا نَقْتُلُهَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ".
أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الهبة، حديث (٢٦١٧)، ومسلم في صحيحه، في كتاب السلام، حديث (٢١٩٠)، واللفظ لمسلم.
(٤) هناك عدة وقائع تعرض فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - لمحاولة القتل، وسأكتفي بذكر واحدة منها: =

<<  <   >  >>