للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلم يروه على الصواب، وخالفه غيره - وهم الأكثر - فرووه على الصواب، ولم يذكروا فيه هذا اللفظ المشكل.

- أَنَّ الحديث مخالفٌ لقوله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [الأنعام: ١٦٤] (١).

وأما الحافظ ابن حجر فضعف الحديث تبعاً للإمام البخاري والبيهقي، وذكر وجهاً آخر في تضعيفه: وهو مخالفته للأحاديث الواردة في القصاص يوم القيامة، ومنها: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ". (٢) (٣)

[المبحث الخامس: الترجيح]

الذي يَظْهُرُ صَوَابُه - والله تعالى أعلم - هو ضعف الحديث بلفظه الثالث؛ ومما يقوي ضعفه:

أنَّ الحديث رواه عن أبي بُردة بن أبي موسى، عن أبيه، أربعة عشر راوياً، وقد اتفق هؤلاء الرواة على لفظ واحد، وهو اللفظ الأول، ورواه اثنان آخران بلفظٍ مقاربٍ في المعنى للفظ الأول، وتفرَّد شداد أبو طلحة الراسبي باللفظ الثالث، وهو اللفظ المشكل، فلم يُتابعه عليه أحد (٤)، وشداد قد تكلم أهل العلم في روايته (٥)، فلا يُقبل منه ما تَفرَّدَ به، ناهيك عن مخالفة ما رواه


(١) انظر: شعب الإيمان، للبيهقي (١/ ٣٤٢).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الرقاق، حديث (٦٥٣٤).
(٣) انظر: فتح الباري، لابن حجر (١١/ ٤٠٥).
(٤) تقدم ذكر هذه الطرق عند تخريج الحديث في أول المسألة.
(٥) هو: شداد بن سعيد، أبو طلحة الراسبي البصري، وثقه الإمام أحمد، وابن معين، وأبو خيثمة، والنسائي، والبزار. وقال ابن حبان في الثقات، في الطبقة الرابعة: ربما =

<<  <   >  >>