للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والأحاديث]

أجمع العلماء على وجوب الدّية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجاني.

حكى الإجماع: ابن بطال، وأبو عبد الله القرطبي، والحافظ ابن حجر. (١)

وأما الآية فإنَّ للعلماء في دفع التعارض بينها وبين الأحاديث مذهبين:

الأول: التخصيص.

ويرى أصحاب هذا المذهب أَنَّ الآية على عمومها في أَنَّ أحداً لا يُؤخذُ بذنب غيره، إلا أَنَّ هذا العموم قد خُصَّ منه تحمل العاقلة دية قتل الخطأ وشبه العمد، وذلك لثبوت الحديث فيه.

وعلى هذا المذهب جماعة من أهل العلم، منهم: الشافعي، وابن حزم، وابن عبد البر، وابن رشد، والحافظ ابن حجر، والزرقاني، والمباركفوري، والصنعاني، والشوكاني. (٢)

قال الحافظ ابن حجر: "تَحَمُّل العاقلة الدّية ثابتٌ بالسنّة، وأجمع أهل العلم على ذلك، وهو مُخالِفٌ لظاهر قوله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، لكنه خُصُّ من عمومها ذلك؛ لما فيه من المصلحة؛ لأنَّ القاتل


= للآلوسي (١٥/ ٤٧)، وأضواء البيان، للشنقيطي (٣/ ٤٧٠).
(١) انظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٨/ ٥٤٨)، وتفسير القرطبي (٧/ ١٠٢)، وفتح الباري، لابن حجر (١٢/ ٢٥٦).
(٢) انظر على الترتيب: الأم، للشافعي (٧/ ١٠٠)، والمحلى، لابن حزم (١١/ ٢٦٠ - ٢٦١)، والتمهيد، لابن عبد البر (٦/ ٤٨٤ - ٤٨٥)، وبداية المجتهد، لابن رشد (٢/ ٣٠٩)، وفتح الباري، لابن حجر (١٢/ ٢٥٦)، وشرح الزرقاني على موطأ مالك (٤/ ٢٣٨)، وتحفة الأحوذي، للمباركفوري (٤/ ٥٣٦)، وسبل السلام، للصنعاني (٣/ ٢٥٣)، ونيل الأوطار (٧/ ٢٤٣)، وفتح القدير (٢/ ٢٧٢)، كلاهما للشوكاني.

<<  <   >  >>