للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - وبأن حديث الإسراء قد روي بلفظ آخر، وفيه ما يؤيد هذا القول، ويزيل الإشكال عن الحديث؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكر حديث الإسراء بطوله، وفيه: "ثم صعد به إلى السماء؛ فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد - صلى الله عليه وسلم -. قالوا: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ وخليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، فدخل فإذا بشيخ جالس تام الخلق لم ينقص من خلقه شيء كما ينقص من خلق البشر، عن يمينه باب يخرج منه ريح طيبة، وعن شماله باب تخرج منه ريح خبيثة، إذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه ضحك، وإذا نظر إلى الباب الذي عن يساره بكى وحزن، فقال: يا جبريل، من هذا الشيخ؟ وما هذان البابان؟ قال: هذا أبوك آدم، وهذا الباب الذي عن يمينه باب الجنة، إذا رأى من يدخله من ذريته ضحك واستبشر، وإذا نظر إلى الباب الذي عن شماله باب جهنم من يدخله من ذريته بكى وحزن". (١)


= لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى أصحابها يعذبون فيها، وإذا كانت في السماء لزم من دخولهم في النار التي في السماء أن تفتح أبواب السماء.
لكن بعض الناس استشكل وقال: كيف يراها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليلة عرج به وهي في الأرض؟
وأنا أعجب لهذا الاستشكال، إذا كنا ونحن في الطائرة نرى الأرض تحتنا بعيدة وندركها، فكيف لا يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - النار وهو في السماء؟
فالحاصل أنها في الأرض، وقد روي في هذا أحاديث لكنها ضعيفة، وروي آثار عن السلف، كابن عباس، وابن مسعود، وهو ظاهر القرآن (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (٤٠)) والذين كذبوا بالآيات واستكبروا عنها لا شك أنهم في النار ". انتهى من مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (٢/ ٦٠ - ٦١).
وقد ذكر الشيخ محمد السفاريني خلاف أهل العلم في مكان وجود النار وأدلة الفريقين، فانظرها في كتابه "لوامع الأنوار البهية" (٢/ ٢٣٧). وانظر: يقظة أولي الاعتبار، للقنوجي (١/ ٤٥ - ٤٨).
(١) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٨/ ٧)، من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية الرياحي، عن أبي هريرة، أو غيره، شك أبو جعفر الرازي.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٧/ ٢٣٠٩)، قال: حدثنا محمد بن =

<<  <   >  >>