للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سابقه، ويدل على هذا أَنَّ خلق آدم تأخر عن خلق الملائكة والجن والسماوات، كما هو واضح من آيات خلق آدم في سورة البقرة وغيرها، ومما يستدل به على هذا: ما أخرجه الحاكم (١)، وصححه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لقد أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يدخلها أحد، قال الله تعالى: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) [البقرة: ٣٠]، وقد كان فيها قبل أن يُخلق بألفي عام الجن بنو الجان ... ". اهـ (٢)

وللألباني جواب آخر، حيث يرى: "أَنَّ الحديث ليس بمخالف للقرآن بوجه من الوجوه، خلافاً لما توهمه بعضهم؛ فإن الحديث يفصِّل كيفية الخلق على وجه الأرض، وأن ذلك كان في سبعة أيام، ونصُّ القرآن على أَنَّ خلق السماوات والأرض كان في ستة أيام، والأرض في يومين، لا يعارض ذلك، لاحتمال أَنَّ هذه الأيام الستة غير الأيام السبعة، المذكورة في الحديث، وأنه - أعني الحديث - تحدث عن مرحلة من مراحل تطور الخلق على وجه الأرض، حتى صارت صالحة للسكنى، ويؤيده أَنَّ القرآن يذكر أَنَّ بعض الأيام عند الله تعالى كألف سنة، وبعضها مقداره خمسون ألف سنة، فما المانع أن تكون الأيام الستة من هذا القبيل؟ والأيام السبعة من أيامنا هذه، كما هو صريح الحديث، وحينئذ فلا تعارض بينه وبين القرآن". اهـ (٣)

قال الألباني: "وكان هذا الجمع قبل أن أقف على حديث الأخضر بن عجلان؛ فإذا هو صريح فيما كنت ذهبت إليه من الجمع". اهـ (٤)

قلت: حديث الأخضر بن عجلان هو حديث عطاء المتقدم، وفيه زيادة تؤيد ما ذهب إليه الألباني من أَنَّ الأيام السبعة المذكورة في الحديث، هي غير الستة المذكورة في الآيات، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "أخذ بيدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أبا هريرة، إن الله خلق السماوات والأرضين وما بينهما في ستة


(١) المستدرك للحاكم (٢٨٧).
(٢) انظر: تعليق الحويني على تفسير ابن كثير (٢/ ٢٣٢ - ٢٣٣).
(٣) انظر: تعليق الألباني على مشكاة المصابيح، ص (١٥٩٨).
(٤) مختصر العلو، للألباني، ص (١١٢).

<<  <   >  >>