للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموت؛ ذلك أنَّ يوسفَ عليه السلام سأل ربَّه الوفاة على الإسلام، وهذا لا محذور فيه، ومريم عليها السلام خافت الفتنة في دينها فتمنت الموت، وهذا أيضاً لا محذور فيه، وكلا المعنيين المنقولين في تفسير الآيتين لا يُعارض أحاديث النهي عن تمني الموت.

وما نقلته عن الجمهور في تفسير الآيتين يكاد يكون محل اتفاق بين المفسرين، لولا ما نُقِلَ عن ابن عباس - رضي الله عنه - (١)، وقتادة (٢) أنهما قالا في تفسير آية يوسف: "ما تمنى نبيٌّ قط الموتَ قبل يوسف".

والحق أنَّ يوسف - عليه السلام - لم يَتَمَنَّ، ولم يسأل الموت منجزاً، وسياق الآية واضح في هذا المعنى؛ وإنما سأل ربه الوفاة على الإسلام، واللحوق بالصالحين، وهذا لا محذور فيه، ولا يخالف أحاديث النهي.

وأمَّا دعوى النسخ - إنْ للآيات وإنْ للأحاديث - فضعيفةٌ جداً؛ لأنَّ النسخ إنما يُصار إليه عند تعذر الجمع، أو عند وجود دليل على النسخ، وكلا الأمرين معدومان، فدلَّ على بطلان دعوى النسخ، والله تعالى أعلم.

****


(١) أخرجه ابن جرير في تفسيره (٧/ ٣٠٩)، من عدة طرق عن ابن عباس.
(٢) أخرجه ابن جرير في تفسيره (٧/ ٣٠٩).

<<  <   >  >>