للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثالث: أَنَّ مشركي العرب قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - عندهم بَقيّة إنذارٍ مما جاءت به الرسل الذين أُرسلوا قبل نبينا - صلى الله عليه وسلم -، كإبراهيم وغيره، وأنَّ الحجة قائمة عليهم بذلك.

وهذا جواب: ابن عطية، والحليمي، والنووي، ومحمد بن إسماعيل الصنعاني. (١)

قال ابن عطية: "صاحب الفترة ليس ككافر قريش قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنَّ كفار قريش وغيرهم ـ ممن علم وسمع عن نبوةٍ ورسالةٍ في أقطار الأرض ـ ليس بصاحب فترة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال: "أبي وأبوك في النار" (٢)، ورأى عمرو بن لحي في النار (٣)، إلى غير هذا مما يطول ذكره، وأما صاحب الفترة فيفترض أنه آدمي لم يَطرأ عليه أَنَّ الله تعالى بعث رسولاً، ولا دعا إلى دين، وهذا قليل الوجود، اللهم إلا أن يُشذَّ في أطراف الأرض، والمواضع المنقطعة عن العمران". اهـ (٤)

وقال النووي: "قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ"، فيه أَنَّ من مات على الكفر فهو في النار، ولا تنفعه قرابة المقربين، وفيه أَنَّ من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذةٌ قبل بلوغ الدعوة؛ فإنَّ هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء، صلوات الله تعالى وسلامه عليهم". اهـ (٥)

الوجه الرابع: ما جاء من الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الدالة على أَنَّ بعض أهل الفترة في النار، وقد تقدمت.

وأجاب القائلون بعذرهم بالفترة عن هذه الأوجه الأربعة (٦):

فأجابوا عن الوجه الأول ـ وهو كون التعذيب في قوله: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ


(١) انظر: المنهاج في شعب الإيمان، للحليمي (١/ ١٧٥)، ورفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار، للصنعاني، بتحقيق الألباني، ص (١١٤)، وسيأتي نقل قول ابن عطية، والنووي.
(٢) سبق تخريجه في أول المسألة.
(٣) سبق تخريجه في أول المسألة.
(٤) المحرر الوجيز، لابن عطية (٤/ ٧٢).
(٥) شرح صحيح مسلم، للنووي (٣/ ٩٧).
(٦) ذكر هذه الأجوبة بأكملها الشنقيطي في أضواء البيان (٣/ ٤٧٧ - ٤٧٩).

<<  <   >  >>