للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: شروط التعارض بين النصوص الشرعية]

ذكر العلماء عدة شروط يجب توفرها حتى يُحْكَمَ بالتعارض بين النصوص الشرعية، وهذه الشروط هي (١):

الأول: اتحاد المحل:

ومعنى هذا الشرط: أنْ يكون النصان المتعارضان واردين في محل واحد؛ لأنه إذا اختلف المحل جاز أنْ يجتمع النصان، فلا يكون هناك تعارض.

ومثال ذلك: نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن استقبال القبلة بغائط أو بول (٢)، وقد رُويَ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى حاجته وهو مستقبل القبلة (٣)،

فهذان النصان وردا على محل واحد، وكل منهما يفيد حكماً يُعارض الآخر، وقد جمع بعض العلماء بينهما بأنَّ النهي محمول على ما إذا كان الاستقبال في العراء؛ فإنه يُكره استقبال القبلة والحالة هذه، وأما إذا كان في البنيان فلا يمتنع؛ لأن


(١) انظر: البحر المحيط، للزركشي (٨/ ١٢٠)، وكشف الأسرار، للبخاري (٣/ ٧٧)، والتعارض والترجيح، للبرزنجي (١/ ١٥٤)، ومختلف الحديث، لأسامة خياط، ص (٥١ - ٥٧).
(٢) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ - رضي الله عنه -، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا».
أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الوضوء، حديث (١٤٤)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الطهارة، حديث (٢٦٤).
(٣) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: «ارْتَقَيْتُ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ حَفْصَةَ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ، مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ».

أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الوضوء، حديث (١٤٨)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الطهارة، حديث (٢٦٦).

<<  <   >  >>