للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمَا تَمَنَّيْت فَقَدْ لَقِيتِ ... إِنْ تَفْعَلِي فِعْلهمَا هُدِيت

قال: وذكر الواقدي (١): أنَّ الوليد بن الوليد بن المغيرة (٢) كان رافق أبا بصير (٣) في صلح الحديبية على ساحل البحر، ثم إنَّ الوليد رجع إلى المدينة، فعثر بالحرة، فانقطعت إصبعه، فقال هذين القسمين". اهـ (٤)

المذهب الخامس: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا كذبٌ" بتنوين الباء مرفوعة، وبخفض الباء من عبد المطلب على الإضافة، وهذا ليس على وزن الشِّعْر.

وقوله:

هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ

إنما يكون شِعْراً موزوناً إذا كسرت التاء من "دميت" و "لقيت"، فإنْ سُكِّنَتْ لم يكن شِعْراً بحال؛ لأنَّ هاتين الكلمتين على هذه الصفة تكون فعول، ولا مدخل لفعول في بحر السريع (٥)، ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم - قالها ساكنة التاء أو متحركة التاء من غير إشباع.

وهذا جواب: ابن العربي، والكرماني. (٦)

وتعقبهما الحافظ ابن حجر فقال: "وقولهما هذا مردود؛ فإنه يصير من ضرب آخر من الشِّعْر، وهو من ضروب البحر الملقب بالكامل (٧)، وفي الثاني


(١) انظر: المغازي، للواقدي (٢/ ٦٢٩).
(٢) هو: الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، أخو خالد بن الوليد، كان ممن حضر بدراً مع المشركين فأُسِر، فافتداه أخواه هشام وخالد، ولما أسلم حبسه أخواله فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو له في القنوت ويقول: اللهم أنج الوليد بن الوليد، والمستضعفين من المؤمنين، ثم أفلت من أسرهم ولحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر (٦/ ٦١٩).
(٣) هو: عتبة بن أَسيد بن جارية بن أَسيد بن عبد الله بن غِيَرة بن عوف بن ثقيف، أبو بَصير الثقفي، حليف بني زهرة، مشهور بكنيته، كان من المستضعفين بمكة فلما وقع الصلح بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش على أن يردوا عليهم من أتاه منهم فرَّ أبو بصير لما أسلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - لقاصد قريش فانضم إليه جماعة فكانوا يؤذون قريشاً في تجارتهم فرغبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤويهم إليه ليستريحوا منهم ففعل. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر (٤/ ٤٣٣).
(٤) فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٥٥٧).
(٥) السريع في اصطلاح أهل العروض: اسم بحر من بحور الشعر، وتفعيلات هذا البحر هي: مستفعلن، مستفعلن، مفعولاتٌ، والأسباب في هذا البحر أكثر من الأوتاد، لذا فهي تنطق بسرعة أكبر، ومن هنا سُمي بالسريع، وأنواع الزحاف في البحر السريع ستة، وهي: الطي، والخبن، والخبل، والوقف، والكسف، والصلم. انظر: موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، للتهانوي، ص (٩٥٤).
(٦) انظر: أحكام القرآن، لابن العربي (٤/ ٢٦ - ٢٧)، وفتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٥٥٧).
(٧) الكامل عند أهل العروض: اسم بحر من البحور المختصة بالشعر، وتفعيلات هذا البحر هي: متفاعلن، سِتَّ مرات. انظر: موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، للتهانوي، ص (١٣٥٧).

<<  <   >  >>