للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عبد الحق الإشبيلي - في الجمع بين الصحيحين -: «زاد فيه - يعني شريكاً - زيادة مجهولة، وأتى فيه بألفاظ غير معروفة، وقد روى الإسراء جماعة من الحفاظ فلم يأتِ أحدٌ منهم بما أتى به شريك، وشريكٌ ليس بالحافظ عند أهل الحديث». اهـ (١)

وقال ابن جماعة (٢): «وأما حديث شريك بن أبي نمر الطويل؛ فقد خَلَّطَ فيه، وزاد زيادات لم يروها غيره ممن هو أحفظ منه، وليس في رواية ثابت، ولا قتادة عن أنس لفظ الدنو، ولا التدلي، ولا المكان، ولا في رواية الزهري، عن أنس وأبي ذر، وذَكَرَ شريكٌ في حديثه ما يدل على أنه لم يحفظ الحديث على ما ينبغي؛ فإنه خلَّط في مقامات الأنبياء، وقال في آخر حديثه: «فاستيقظ وهو في المسجد الحرام»، والمعراج إنما كان رؤية عين». اهـ (٣)

وقد سبق إلى التنبيه على ما في رواية شريك من المخالفة مسلم في صحيحه فإنه قال - بعد أنْ ساق سند الحديث وبعض المتن -: «وَقَدَّمَ فِيهِ شَيْئًا وَأَخَّرَ، وَزَادَ وَنَقَصَ». اهـ (٤)

إلا أنَّ الحافظ أبا الفضل ابن طاهر (٥) لم يرتضِ دعوى تَفَرُّدِ شريكٍ بهذه الزيادة، حيث قال: «تعليل الحديث بتفرد شريك، ودعوى ابن حزم أنَّ الآفة منه، شيء لم يُسبق إليه؛ فإنَّ شريكاً قَبِلَهُ أئمة الجرح والتعديل، ووثقوه، ورووا عنه، وأدخلوا حديثه في تصانيفهم، واحتجوا به، وروى عبد الله بن أحمد الدورقي، وعثمان الدارمي، وعباس الدوري، عن يحيى بن معين أنه قال: لا بأس به. وقال ابن عدي: مشهور من أهل المدينة، حدث عنه مالك وغيره من الثقات، وحديثه إذا روى عنه ثقة لا بأس به؛ إلا أن يروي عنه ضعيف (٦).

قال ابن طاهر: وحديثه هذا رواه عنه ثقة، وهو سليمان بن بلال. قال:


(١) الجمع بين الصحيحين (١/ ١٢٧ - ١٢٨)، باختصار.
(٢) هو: محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة، الكناني، الحموي، الشافعي، بدر الدين، أبو عبد الله: من العلماء بالحديث وسائر علوم الدين، ولد في حماة، وولي الحكم والخطابة بالقدس، ثم القضاء بمصر، فقضاء الشام، ثم قضاء مصر إلى أن شاخ وعمي، له تصانيف، منها: «كشف المعاني في المتشابه من المثاني» و «تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم»، وغيرها، توفي في مصر سنة (٧٣٣هـ). انظر: الأعلام، للزركلي (٥/ ٢٩٧).
(٣) إيضاح الدليل، لابن جماعة (١/ ١٤٥).
(٤) تقدم توثيقه عند تخريج حديث أنس في أول المسألة.
(٥) هو: محمد بن طاهر بن علي بن أحمد، أبو الفضل ابن أبي الحسين بن القيسراني، المقدسي، الأثري، الظاهري، الصوفي، كان ثقة، صدوقاً، حافظاً، عالماً بالصحيح والسقيم، حسن المعرفة بالرجال والمتون، كثير التصانيف، لازماً للأثر، بعيداً من الفضول والتعصب، كثير الحج والعمرة، مات ببغداد منصرفاً من الحج سنة (٥٠٧ هـ). انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (١٩/ ٣٦١).
(٦) انظر: الكامل في ضعفاء الرجال، لابن عدي (٤/ ٥).

<<  <   >  >>