للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلك الثاني: مسلك إعمال الحديث على ظاهره، وإثبات الشك حقيقة لإبراهيم الخليل عليه السلام.

فعن ابن عباس، رضي الله عنهما ـ في قوله تعالى: (وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [البقرة: ٢٦٠]ـ: قال: «ما في القرآن آية أرجى عندي منها». (١)

وقال: «هذا لما يَعْرضُ في الصدور، ويُوسوِسُ به الشيطان، فرضي الله تعالى من إبراهيم قوله: بلى». (٢)

وسُئل عطاء بن أبي رباح عن معنى الآية فقال: «دخل قلبَ إبراهيمَ بعضُ ما يدخل قلوب الناس». (٣)

واختار هذا المسلك ابن جرير الطبري، فقال: «وأولى الأقوال بتأويل الآية، ما صح به الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) وأن تكون


(١) أخرجه ابن جرير في تفسيره (٣/ ٥١)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٢/ ٥٠٩)، وعبد الرزاق في التفسير (١/ ١٠٦).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٢/ ٥٠٩)، وأبو عبيد في فضائل القرآن، ص (١٤٩)، كلاهما من طريق أبي صالح كاتب الليث، قال: حدثني عبد العزيز بن أبي سلمة، عن محمد بن المنكدر قال: الْتَقَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَيُّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ أَرْجَى عِنْدَكَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: قَوْلُ اللَّهِ: (قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) [الزمر: ٥٣]، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَكِنْ أَنَا أَقُولُ: قَوْلُ اللَّهِ: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى) فَرَضِيَ مِنْ إِبْراهِيمَ قَوْلَهُ: (بَلَى) فَهَذَا لِمَا يَعْرِضُ فِي الصُّدُورِ، وَيُوَسْوِسُ بِهِ الشَّيْطَانُ».
والأثر في إسناده أبي صالح كاتب الليث، وهو عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني، أبو صالح المصري، صدوق كثير الغلط. كما في التقريب، لابن حجر (١/ ٤٠٠).
وقد توبع في روايته، فأخرجه الحاكم في المستدرك (١/ ١٢٨)، قال: حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا محمد بن غالب، ثنا بشر بن حجر الشامي، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن محمد بن المنكدر، به.
والأثر صححه الحاكم، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (٦/ ٤٧٤): «رُوي من طرق يشد بعضها بعضاً».
(٣) أخرجه ابن جرير في تفسيره (٣/ ٥١)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٢/ ٥٠٨).

<<  <   >  >>