للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه النصوص وغيرها ترد القول بأن خروج الثلاث يكون متتابعاً، وأنَّ الزمن الذي بينها يسير، وحسبك مدة بقاء عيسى عليه السلام؛ فإنَّ مكثه أربعين سنة ليس بالزمن اليسير.

المذهب الرابع: ما قاله البيهقي: «إنْ كان في علم الله أنَّ طلوع الشمس سابقٌ احتمل أن يكون المراد نفى النفع عن أنفس القرن الذين شاهدوا ذلك، فإذا انقرضوا وتطاول الزمان وعاد بعضهم إلى الكفر عاد تكليف الإيمان بالغيب، وكذا في قصة الدجال لا ينفع إيمانُ من آمن بعيسى عند مشاهدة الدجال، وينفعه بعد انقراضه». اهـ (١)

قلت: يتخرج من كلام البيهقي أنَّ التوبة تنقطع عند طلوع الشمس من مغربها، ثم تعود بعد تطاول الزمان؛ فإذا خرج الدجال انقطعت، ثم تعود بعد ذلك لتنفع وقت عيسى عليه السلام.

وقريباً منه قول أبي عبد الله القرطبي: «توبة كل من شاهد ذلك (يعني طلوع الشمس من مغربها) أو كان كالمشاهد له مردودة ما عاش؛ لأن علمه بالله تعالى وبنبيه - صلى الله عليه وسلم - وبوعده قد صار ضرورة؛ فإن امتدت أيام الدنيا إلى أن ينسى الناس من هذا الأمر العظيم ما كان، ولا يتحدثون عنه إلا قليلاً، فيصير الخبر عنه خاصاً وينقطع التواتر عنه؛ فمن أسلم في ذلك الوقت أو تاب قُبلَ منه». اهـ (٢)

وأيّد ذلك:

١ - بما رُوي: «أنَّ الشمس والقمر يُكسيان بعد ذلك الضوء والنور، ثم يطلعان على الناس ويغربان كما كانا قبل ذلك». (٣)

٢ - وبما رُوي عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - أنه قال: «يبقى الناس بعد


= (١٥/ ٢٣٣)، وأبو داود الطيالسي في مسنده (١/ ٣٣٥) وصححه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (٣/ ٣٢)، حديث (٤٣٢٤).
(١) نقله عنه الحافظ ابن حجر، في الفتح (١١/ ٣٦٢).
(٢) تفسير القرطبي (٧/ ٩٥ - ٩٦). وانظر: التذكرة، ص (٧٣٦).
(٣) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٣/ ١١٤) وقال: «أخرجه ابن مردويه بسند واهٍ عن ابن عباس مرفوعاً».

<<  <   >  >>