للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ساق الحافظ ابن حجر عدة آثار تدل على أنَّ الشمس إذا طلعت من مغربها أُغلق باب التوبة ولم يفتح بعد، ثم قال: «فهذه آثار يشد بعضها بعضاً، متفقة على أنَّ الشمس إذا طلعت من المغرب أُغلق باب التوبة ولم يفتح بعد، وأنَّ ذلك لا يختص بيوم الطلوع، بل يمتد إلى يوم القيامة». اهـ (١)

المسلك الثاني: مسلك تضعيف الحديث:

فقد ذهب أبو العباس القرطبي إلى أنَّ ذكر الدجال في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وهمٌ من بعض الرواة، وأنَّ التكليف لا يرتفع إلا بطلوع الشمس من مغربها، كما دلت عليه بقية الأحاديث. (٢)

[المبحث الخامس: الترجيح]

الذي يَظْهُرُ صَوَابُه ـ والله تعالى أعلم ـ هو مسلك قبول الحديث، مع توجيهه، ودفع التعارض بينه وبين بقية الأحاديث التي اقتصرت على تفسير الآية بطلوع الشمس من مغربها، فيكون معنى حديث أبي هريرة: أنَّ عدم قبول التوبة مترتب على مجموع الثلاث - الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها - فإذا اجتمعت الثلاث انقطعت التوبة، ويكون طلوع الشمس هو آخرها، وهو الذي يتحقق به عدم القبول.

ويمكن تلخيص المسألة وحصرها في خمسة أمور:

١ - أنَّ المراد بـ «البعض» في الآية هو طلوع الشمس من مغربها فقط، دون غيرها.

٢ - أنَّ التوبة لا تنقطع إلا بطلوع الشمس من مغربها.

٣ - أنَّ طلوع الشمس من مغربها هو آخر الآيات الثلاث المذكورة في حديث أبي هريرة.


(١) فتح الباري، لابن حجر (١١/ ٣٦٣).
(٢) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (٧/ ٢٤٣).

<<  <   >  >>