للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - ومما يؤكد أنَّ طلوع الشمس هو آخر الثلاث، أنَّ الأحاديث متظافرة على أنَّ التوبة لا تنقطع إلا بطلوع الشمس من مغربها، ولو كانت هي الأولى في الخروج لما كان لذكر بقية الثلاث فائدة؛ لأن انقطاع التوبة قد وقع بطلوع الشمس قبل ذلك.

قال الشيخ حمود التويجري - بعد أن أورد حديث (ثلاث إذا خرجن) -: «وظاهر هذا الحديث يدل على أنَّ التوبة لا تزال مقبولة حتى تخرج الثلاث كلها، وقد تواترت الأحاديث الدالة على أنَّ التوبة لا تزال مقبولة ما لم تطلع الشمس من مغربها، فيستفاد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مع الأحاديث الواردة في قبول التوبة ما لم تطلع الشمس من مغربها أنَّ خروج الدابة والدخان (١) متقدم على طلوع الشمس من مغربها، والله أعلم». اهـ (٢)

وأما الدابة فالأظهر أنَّ خروجها متقدم على طلوع الشمس من مغربها، لكن الزمن الذي بينهن يسير جداً، وليس في هذا القول مخالفة لحديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه -، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى». (٣)؛ لأن الحديث إنما ذكر الأولية للشمس والدابة معاً، لا للشمس وحدها؛ بدليل قوله في الحديث: «وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا». (٤)، ولو كان مراده - صلى الله عليه وسلم - في الأولية الشمس دون الدابة لما قال ذلك، ومما يؤكد هذا المعنى أنَّ عبد الله بن عمرو راوي الحديث لم يفهم من الحديث أنَّ طلوع الشمس متقدم على الدابة، حيث وقع منه تردد في الأولية بقوله: «وَأَظُنُّ أُولَاهَا خُرُوجًا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا» (٥) وترجيحه لأولية الشمس مبنيٌ على


(١) ذكره للدخان بدل الدجال؛ بناء على اعتماده حديث أبي هريرة من رواية الإمام أحمد، والتي فيها لفظة «الدخان» بدل «الدجال»، وقد تقدم استيفاء تخريج الحديث وبيان ألفاظه في أول المسألة.
(٢) إتحاف الجماعة، للتويجري (٢/ ٣٢٢).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث (٢٩٤١).
(٤) المصدر السابق.
(٥) هذه الزيادة ليست في صحيح مسلم، وقد أخرجها الإمام أحمد في مسنده (٢/ ٢٠١)، حديث (٦٨٨١).

<<  <   >  >>