للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديث]

للعلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديث مسلكان:

الأول: مسلك رد الحديث وإنكاره؛ وذلك لعدم ثبوته، ولما فيه من القدح بعصمة

النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ويرى أصحاب هذا المسلك: أنَّ الصواب في سبب نزول الآية: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد أوحى الله إليه أنَّ زيداً يطلق زينب، وأنه يتزوجها بتزويج الله إياها له، فلما تشكى زيد للنبي - صلى الله عليه وسلم - خلق زينب، وأنها لا تطيعه، وأعلمه بأنه يريد طلاقها، قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جهة الأدب والوصية: اتق الله، أي في أقوالك، وأمسك عليك زوجك، وهو يعلم أنه سيفارقها، وهذا هو الذي أخفى في نفسه، ولم يُرِدْ أن يأمره بالطلاق، لما علم من أنه سيتزوجها، وخشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلحقه قول من الناس في أن تزوج زينب بعد زيد وهو مولاه، وقد أمره بطلاقها؛ فعاتبه الله تعالى على هذا القدر من أن خشي الناس في أمر قد أباحه الله تعالى له. (١)

وهذا المذهب روي عن: علي بن الحسين (٢)، والزهري (٣)، والسدي (٤).

وذكر القرطبيان: أنَّ هذا القول هو الذي عليه أهل التحقيق من المفسرين، والعلماء الراسخين. (٥)


(١) انظر: المحرر الوجيز، لابن عطية (٤/ ٣٨٦).
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٠/ ٣٠٣)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٩/ ٣١٣٥، ٣١٣٧)، كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن علي بن الحسين، به.
وإسناده ضعيف؛ لضعف علي بن زيد بن جدعان.
(٣) نقله عنه: القاضي عياض، في الشفا (٢/ ١١٧)، وأبو العباس القرطبي، في المفهم (١/ ٤٠٦).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٩/ ٣١٣٧)، معلقاً.
(٥) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (١/ ٤٠٦)، وتفسير القرطبي (١٤/ ١٢٣).

<<  <   >  >>