للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسائل متفرقة في باب الإحرام]

هل يشرع أن يطيب ثوب الإحرام؟

الجواب

لا.

لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس) فلا يجوز للإنسان أن يطيب الإزار والرداء، ولا أن تطيب المرأة ثيابها التي تحرم بها، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس) وبعد هذا يَشْرَعُ في النسك، أي: ينوي الدخول فيه كما ينوي الإنسان الدخول في الصلاة، فينوي أنه دخل وتلبس بالنسك، ويلبي ويذكر نسكه فيقول: لبيك اللهم عمرة إذا كان معتمراً، ويقول: لبيك اللهم حجاً إذا كان حاجاً، وإن كان قارناً قال: لبيك عمرة وحجاً، وهل يقول: لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج؟ الجواب: لا.

لا حاجة أن يقول هذا لأن مجرد نية الإنسان الحج في هذا العام هو التمتع في الواقع، فالتمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ثم يحرم بالحج في عامه، ولا حاجة أن يقول: متمتعاً بها إلى الحج.

بل يقول: لبيك عمرة.

وإذا كان من نيته أن يحج فهذا هو التمتع.

وهل يشترط عند الإحرام أن محله حيث حبس فيما لو حبسه حابس؟ فيه خلاف بين العلماء، والقول الراجح: أنه لا يشترط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط، إلا إذا كان يخشى من عائق يمنعه من إتمام النسك، فإذا كان يخشى من ذلك كما لو كان يخشى أن يفوته الوقوف بـ عرفة أو يخشى أن يمرض أو ما أشبه ذلك فإنه لا بأس أن يشترط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ ضباعة بنت الزبير وقد أتت إليه تخبره أنها تريد الحج وأنها شاكية، قال: (حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني فإن لك على ربك ما استثنيت).

أما من كان لا يخاف من عائق فالأفضل ألا يشترط وأن يعتمد على الله وأن يحسن الظن بالله، فإن هذا هو الأتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن قال قائل: الحوادث يخشى منها؛ كحوادث السيارات، والإنسان إذا أصيب بالحادث ربما لا يتمكن من إتمام النسك أفلا نقول أنه يشرع الاشتراط على كل حال؟ فالجواب: لا.

أولاً: لأن الحوادث لو نسبتها إلى السيارات لوجدت أنها قليلة جداً، آلاف السيارات وتجد الحوادث لا تتجاوز المائة، فالحوادث قليلة، ثم إن الحوادث موجودة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ومع ذلك لم يشرع لأمته أن يشترطوا على كل حال، ألم تسمعوا قصة الرجل الذي وقصته ناقته وهو واقف بـ عرفة حتى مات، فهذه حادثة، فالحوادث موجودة حتى في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وإلى يومنا هذا، لكن الأصل السلامة فالأفضل إذاً ألا تشترط إلا إذا خفت من عائق يمنعك من إكمال النسك.

وهل تهل بالنسك إذا ركبت أو إذا علوت على البيداء إن كنت محرماً من ذي الحليفة أو من مكان الصلاة التي عقدت الإحرام بعدها؟ في هذا خلاف بين أهل العلم أيضاً بناء على اختلاف الروايات في هذا، والراجح: أن الروايات المختلفة يمكن الجمع بينها بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَهلَّ دبر الصلاة فسمعه قوم، فقالوا: أهل دبر الصلاة، ولما ركب أهل فسمعه قوم، فقالوا: أهل حين ركب، ولما علا على البيداء أهل فسمعه قوم، فقالوا: أهل حين علت به ناقته على البيداء، وهذا الجمع جمع حسن، وعلى هذا فيكون الإهلال من حين أن تنتهي الصلاة؛ لأن المشروع أن يهل الإنسان عقب صلاة، فإذا وصلت إلى الميقات مثلاً في الضحى وتغسلت وحان وقت صلاة الظهر فصل الظهر ثم أحرم إذا فرغت من الصلاة، وإن لم تبق حتى صلاة الظهر فصل ركعتين سنة الضحى مثلاً وأحرم بعد هاتين الركعتين، وإن لم يكن وقت ضحى فصل ركعتين تنوي بهما سنة الوضوء، وأحرم بعدهما، وإن لم تفعل وأحرمت بدون دبر الصلاة فإحرامك صحيح.

ثم تسير إلى مكة متجهاً إليها، وتلبي إلى أن تشرع في الطواف إن كنت في العمرة، أو إلى أن ترمي جمرة العقبة يوم العيد إن كنت في حج، وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان صفة الحج والعمرة في مكان آخر، ولكننا الآن نتكلم على الذي يترتب على الإحرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>