للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وصية للنساء في طلب العلم وتعليمه]

السؤال

سائلٌ يقول: تعلمون يا فضيلة الشيخ أن النساء قد يصعب عليهن أن يفرغن من وقتهن لطلب العلم من المشايخ والعلماء، فما هي الطريقة التي توصون بها النساء بطلب العلم وتعليمه، وكيف يوفقن بين أعمال البيت وطلب العلم؟

الجواب

بالنسبة للمرأة علمها بالأحكام وما يتعلق بحياتها من المسائل فرضٌ عليها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم تأتيه الصحابية تسأله عما أشكل عليها في طهارتها وصلاتها وعبادتها وحق بعلها وعشيرها وزوجها عليها، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يفقههن ويعلمهن ويدلهن على ما فيه صلاح دينهن ودنياهن، وعلى هذا قال العلماء: المرأة تتعلم ما فرض الله عليها، هذا هو الأساس وهو الواجب عليها أن تتعلم، وما وراء ذلك فإنها في الأصل مطالبة بحقوق البيت، وإدارة بيتها؛ لأن رسالة المرأة تربية أبناء المسلمين وبناتها، وإذا كانت الأم في بيتها قائمة على حقوق أولادها، وأتقنت هذا الثغر وقامت بحقه، قويت الأمة وعزت وسادت وبزت وغلبت؛ لأن بيوت المسلمين قد سدة ثغورها فهذا هو الأصل، الأصل أن رسالتها أولادها، والله عز وجل حملها المسئولية عن أولادها وأبنائها وبناتها، فإذا كانت تستطيع أن تنتقل بعد ذلك لنفع بنات المسلمين ودلالتهن على الخير واحتيج إليها لتعليمهن، وقامت بهذه الحاجة على أتم الوجوه وأكملها، فهذا فضلٌ عظيم، وخيرٌ كثير.

أما بالنسبة لطلبهن للعلم فإن عرضن أن يطلبن العلم فلهن من الفضل ما للرجال، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يرجعون إلى أمهات المؤمنين في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، ولما اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في مسألة حديث مسلم: (إنما الماء من الماء)؛ من جامع ولم ينزل.

أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عائشة، ولما سألها ذكرت له حديث رسول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، أنزل أو لم ينزل) فقال عمر قولته المشهورة: [من خالف بعد اليوم جعلته نكالاً] فكانوا يرجعون إلى أمهات المؤمنين، ويجعلون أمهات المؤمنين فيصلاً في هديه عليه الصلاة والسلام داخل البيت، كما كان أمهات المؤمنين يحلن إلى الصحابة في مسائل السفر ونحوها، فالمرأة تتعلم وهن شقائق الرجال، ولكن إذا خرجت من بيتها للعلم فعليها أن تراعي الحقوق والواجبات التي فرض الله عليها: أن تكون بعيدة عن الفتنة، وحضورها إلى مجلس العلم يكون على السمت الشرعي البعيد عن الإغراء والفتنة، وإذا فعلت ذلك وتفقهت في دينها أو علمت أبناء وبنات المسلمين ووجهتهم فهي على خيرٍ كثير! أما الطريقة: فالمرأة إذا أمكنها أن تحضر درس علمٍ في مسجد، فإن هذا خير وهذا من طلب العلم، وتعتبر طالبة علم، وهكذا إذا تعلمت في دور التعليم وصانت نفسها وابتعدت عن قرينات السوء فهذا أيضاً من التعليم، فالمقصود أن الأصل الشرعي يقتضي أن المرأة تتعلم ولكن بشرط ألا تضيع ما هو أوجب عليها وما هو آكد وما هو الأصل، ثم بعد ذلك إذا قامت بتعلمها على الوجه الشرعي بعيدة عن الفتنة فهذا خيرٌ لها وللأمة، نسأل الله العظيم من الجميع التوفيق والسداد، والله تعالى أعلم.