للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[هل طلب العلم وحفظ القرآن من صنائع المعروف؟]

السؤال

تكلمت وفقك الله عن صنائع المعروف، فهل القيام بهذه الصنائع أفضل من بعض القربات الخاصة بالإنسان التي يعملها الإنسان لنفسه، كطلبه للعلم وحفظه للقرآن وتدبره، وغير ذلك مما يعود أثره على الإنسان نفسه لا على الآخرين؟

الجواب

أخي في الله: ورد في السؤال أن طلب العلم منفعة للنفس وهذا محل نظر، فإن طلب العلم جمع الله فيه بين الفضلين: فضله على النفس وفضله للغير، ولذلك فإن طلب العلم أفضل من صنائع المعروف لأنه أشرفها وأعظمها وأعلاها وأجزلها ثواباً عند الله جل وعلا؛ لأنه أعظم المعروف.

فأعظم المعروف أن تأخذ بحجز القلوب عن النار، وأعظم المعروف أن تقرب العباد إلى رحمة الله الكريم الغفار، فأبشر بخير ما أنت فيه من طلب العلم، ففيه خير كثير.

ولكن كما قال العلماء: ينبغي على طالب العلم أن يمزج طلب علمه بشيء من الصالحات؛ مثل تفريج كربات المكروبين، والإحسان إلى الضعفاء والمحتاجين؛ فإن هذا يعينه على طلب العلم، ولذلك كانوا يستحبون لطلاب العلم أن يجمعوا بين الحسنيين لكن شريطة ألا يؤثر على طلب العلم، فاجعل لك صدقة في الشهر جارية ابحث عن بيت من بيوت الأيتام والأرامل تعطيه كل يوم طعاماً {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد:١١ - ١٧].

فلذلك أوصيك أن تجمع بين الحسنيين توصي بالصبر والمرحمة عن علم حينما تتعلم العلم، وتقتحم العقبة فتفك الرقبة وتطعم في يوم ذي مسغبة يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة.

فيا أخي في الله: اجمع بين الحسنيين، والغالب في طالب العلم أنه إذا انشغل بطلب العلم وترك الأعمال الصالحة أن يكون علمه جافاً، ولذلك تجد بين طلاب العلم تفاوتاً كبيراً؛ فمن طلاب العلم من جمع الله له بين العلم وبين الإحسان، وهذا أعلى المراتب وأفضلها وأحبها، ومن طلاب العلم من عود نفسه من البداية على الاقتصار على نفسه، والاقتصار على تعليم الناس دون تفريج كرباتهم وقضاء حوائجهم، ودون السعي في مصالحهم وهو على خير، ولكن يفوته من الخير ما هو أعظم، فهذا حسن وهذا أحسن، وهذا فاضل وهذا أفضل.

فلذلك ينبغي لطالب العلم أن يجمع بين الحسنيين، والله تعالى أعلم.