للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأخوة صلة بين المؤمنين]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأسأل الله العظيم أن يجزي أخانا أبا محمد كل خير ومن تسبب في هذا الاجتماع الطيب، وأسأله تعالى أن يوفقنا جميعاً فيه لما يحبه ويرضاه من صالح القول والعمل.

إخواني في الله: الأخوة في الله وشيجة بين المؤمنين وصلة بين عباد الله المتقين، جمعت القلوب على طاعة الله، وألفت بين الأفئدة في سبيل مرضاة الله، وهي أوثق عرى الإيمان، فما آمن عبد بالله عز وجل إلا أحب أحباب الله واتجه قلبه لمحبة إخوانه في الله، ولذلك بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن هذه الأخوة الصادقة لا تكون إلا لمن ذاق حلاوة الإيمان، كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يلقى في النار، وأن يحب الرجل لا يحبه إلا لله) فقلوب المؤمنين أحبت رب العالمين وأحبت أحباب رب العالمين وأولياءه المتقين، وسارت إلى الله وإلى سبيل محبة الله بموالاة أولياء الله وأحباب الله.

ومن هذا الأساس والمنطلق برئت قلوب المؤمنين من حمل الضغائن على إخوانهم، وبرئت قلوب المؤمنين من إيجاد الشحناء بينهم، ولو تأملت في كتاب الله عز وجل لوجدت نصوص الكتاب والسنة تدعوك دعوة صادقة لتكون مع أخيك ولأخيك، لكي نكون عباد الله إخواناً؛ ولكي تنتشر بيننا خصال الإيمان الصادقة التي انتشرت بين أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما وجدت أخوة أصدق من أخوة أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعضهم لبعض؛ ولذلك أثنى الله عز وجل عليهم وبين في الكتاب فضلهم، وجعلهم قدوة لنا، ووصف الأخيار التابعين لهم بإحسان أنهم على هذا المنهج.

وقال جل شأنه: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر:١٠].

سبحان الله! أخوة الإيمان تبقى حتى بعد الوفاة، تبقى بينك وبين المؤمنين فتذكر أموات المسلمين بالخير فتترحم عليهم، وتسأل لمحسنهم أن يزداد إحساناً ولمسيئهم أن يشمله الله جل وعلا عفواً من لدنه وغفراناً، ومن تدبر القرآن وجده يهدي إلى هذه المحبة ويأمر بها ويحث عليها، ولذلك بين الله تبارك وتعالى فضل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينما وصفهم بقوله {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:٢٩] فمن سمات الإخوان في الله والأحباب في الله أنهم رحماء وبينهم الرحمة التي هي نابعة من الإيمان، فالمؤمن حليم رحيم.